لعناية أصحاب بيوت الزجاج

0
لعناية أصحاب بيوت الزجاج

بسم الله الرحمن الرحيم
جدير بالذكر
د. معتز صديق الحسن
mutsdal55@gmail.com

لعناية أصحاب “بيوت الزجاج”

> من أكبر الجنايات المرة والمؤلمة، سعي البعض سعياً حثيثاً وخبيثاً والمجاهرة والمجاهدة -آناء الليل وأطراف النهار- بكل ما أوتي من قوة ليقذف ويرمي بيوت الآخرين الحصينة (بحجارة من سجيل) الظنون والاتهام والبهتان لا لغرض إلا اتباع النفس والهوى والمرض والحسد و… و…

> أولئك الذين يسلكون هذا المسلك المنبوذ والمرفوض -جملةً وتفصيلاً- ليتهم قبل التفكير في ارتكاب هذه الجرائر والجرائم في حق الآخرين ووضع أنفسهم ومنحها في وقت واحد -ضد ما يحسبونهم أنهم هم العدو- سلطات الشهود والقاضي والحكم والجلاد فياحبذا لو أنهم لا يتجاوزون –بأي حال من الأحوال- فهماً وامتثالاً قول الشاعر العاقل الحصيف: لسانك لا تذكر به عورة أمرئ *** فكلك عورات وللناس ألسن.

> أيضاً تطابقه المقولة الشعبية الفخمة المعاني والكبيرة الدلالات (البيتو من قزاز ما يجدع بيوت الناس بالحجارة) وإنها لمقولة –قطعاً- تبذل النصح بلا كذب أو نفاق لإمعان النظر في الدواخل بعين الإنصاف وفي مرايا الصدق كي ما نرى بأم أعيننا اعوجاج الرقاب لا تجاهله استخفافاً واستهتاراً أو إنكاره طغيانا وكفراً.

> الترك الصحيح لكل ما سبق يتضح في الفهم العميق والدقيق لمعاني وقيم الإسلام السمحاء والالتزام الكامل بها ،وذلك عندما سئل أحد العلماء ما لنا لا نراك تذم أحداً من الناس أبداً؟ فأجاب: (إن عيوب نفسي تكفيني دوماً -وتزيد- من أجد وقتاً فائضاً للبحث في عيوب الآخرين).

> يبقى المتبادر للذهن دوماً كأنما الشرط الوحيد لانتقاد الغير والنيل منهم لا يكون إلاّ بذكر مساوئهم غير المختلقة (غيبة) أو المختلقة (بهتاناً) بينما يمكن أن تكون بعكس ذلك بانتقادهم في عدم مسارعتهم لفعل الحسنات وأعمال الخيرات أو بغمطها وتبخيسها كأنهم لا يملكون فيها ولو ما يساوي القطمير أو مثقال الذرة.

> مثال للنقد بالمحاسن قصة الابن الذي قام من الليل بركعتين مع والده وكان قيامها وسط قوم نيام فقال الابن: (لا أحد من هؤلاء قام فصلى في هذا الليل الطويل) فعاجله والده محذراً: (ليتك نمت مثلهم ولم تقم تصلي) كأنما يعني نوماً بلا غيبة خير من قيام صلاة بغيبة يتبعه عجب بالطاعة يسوغ لك التناول والخوض في شؤون الآخرين .

> إذن عجب الطاعة ربما يفسد ويضر ويهلك أكثر من جريرة الذنوب لأن الأخيرة هذه تعلم أنها شر وتعرف عاقبة جرمها وفي البال التوبة منها لكن الأولى عجب الطاعة فقليل جداً من أولي الألباب من يحدث نفسه بأنها سيئة من السيئات فيتقونها بينما آخرون يعدونها -وهم لا يعلمون- أنها من كسب الحسنات فيحرصون ويدامون عليها.

> نسأل الله أن يرزقنا إيماناً به يحبب إلينا الالتزام بفعل ما به رغّب وأمر ويُكرّه إلينا ما نهى عنه وزجر وتستوي فيه صالح النوايا والأقوال والأفعال سراً وجهراً وأن يباعد بيننا وبين النفاق كما باعد بين المشرق والمغرب وأن يجنبنا كل النفاق الذي يظهر ما لا يبطن و يبطن ما لا يظهر. إنه جواد كريم. آمين يا رب العالمين.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!