(أوعـــــك تقطـــع) صلـــة رحـــم

2
(أوعـــــك تقطـــع) صلـــة رحـــم

بسم الله الرحمن الرحيم
جدير بالذكر
د. معتز صديق الحسن
mutsdal55@gmail.com

(أوعـــــك تقطـــع) صلـــة رحـــم

# في اتصال هاتفي بـأحد الإخوان، وبعد السؤال عن حاله، وأحواله، والاطمئنان عليه، تنحيت بالحديث وجهة أخري مستفسراً عن الاقرباء القريبين منه؛ رحمياً بمنزلة الساكن بالنفس، وجغرافياً بـــ”مساحة” “الجار بالجنب”.
# لكن كان صادماً أن جاء صوته مجيباً بكل الفرح والفخر؛ أنه -بحمد الله- لم يعد يصلهم ويواصلهم؛ الا في الواجب الأوجب، أما زيارات السلام، والسؤال عن الحال -المتفاوتة والمتباعدة علي قلتها- فهذه قد تم شطبها من قائمة أولوياته، ولم تعد واردة في حساباته.
# وعلي طريقة الواثق من قوله، يلتمس لتصرفه هذا -والمرفوض جملةً وتفصيلاً- العذر؛ بأنه ما عادت الناس -التي نعرفها- ترحب بالأهل، فضلاً عن الضيوف، (من الأصدقاء، أو عابري السبيل) والذين رفعوا من قائمة الاستقبال منذ وقت ليس بالقريب.
# وليت الأمر منهم يقتصر علي(عدم الترحيب)، إذ أنهم فوقه؛ لا يوفرون لك عرضاً ولا يصونون لك سيرة، فكثيراً عندما يزورهم وهو يهم بــ”توديعهم” ورجله علي “عتبة” الخروج ما يسمع منهم العبارات الجارحة (الزول دا ما نافع)، (وما عندو شغلة). وهل هذا وقت زيارة ؟!!!
# لتحل هذه العبارات السيئة، مكان أقوال رسولنا الكريم محمد عليه الصلاة والسلام :(استودع الله دينك، وأمانتك، وخواتيم عملك)، و(استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه)، مستبدلين (الذي هو خير بالذي هو أدني)، فبئست المبادلة، والمفاضلة، كمن باع دينه وأخرته بدنياه، ومؤثراً الفانية علي الباقية.
# فهل حضورك للتواصل معهم يذكرهم، أو بالأحرى يجعل لهم حق افتراء المساوئ فيك، وفي غيابك علي الأقل لن تسمع ما يسئ إليك؛ في مواقف وصلت إلي شبه المواجهة؟ وعلي فرضية (زد غباً تزدد حباً)، فهل هنا كثرة الغياب عن رحمك تزد كرامتك حفظاً؟
# لا والف لا فهذا مفهوم خاطئ؛ وإن أخطأ الموصول فليسامح الواصل، (والذي ليس هو بالمكافئ)، حتي لا نحكم عليهما بأن (ضعف الزائر والمزور)، وليكن منهج التسامح علي طريقة الشاعر المقنع الكندي:
إن الذي بيني وبين بني أبي *** وبين بني عمي لمختلف جدا
أراهم إلي نصري بطاءً وإن *** هم دعوني إلي نصر اتيتهم شدا
إذا أكلوا لحمى وفرت لحومهم *** وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا
# وقبل كل ذلك وبـما أن ديننا الاسلامي الحنيف يحضنا علي قيم في قمة الجمال والنبل كالتواصل، والتصافى، والتسامح، والعفو و… و.. أدعوكم لأن نفتح صفحات جديدة وبيضاء (لا شية فيها)، وغير مقطوعة ومستمرة.
# بأن نتق الله في أرحامنا لقوله تعالي (…واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام… الآية)، (وأن نصل أرحامنا وإن قطعونا، وأن نحسن إليهم وإن أساءوا إلينا، وأن نحلم عنهم وإن جهلوا علينا، إن فعلنا ذلك فكأنما نسفهم الملّ الحار أي (الرماد الحار)، وما يزال معنا من الله ظهير عليهم ما دمنا علي ذلك.)، ولأنه (لن يدخل الجنة قاطع رحم). أو كما جاء عنه عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. هذا وبالله التوفيق.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.

2 thoughts on “(أوعـــــك تقطـــع) صلـــة رحـــم

  1. سلام دكتور
    المقال جميل وماجاء به واحدة من أمراض العصر الاجتماعية الكبرى
    المقال عبر وعظات وتذكرة بأسلوب سلسل وسهل وجميل ومعبر.
    أصبح التنوع فى تناول ومعالجة القضايا سواء أكانت اجتماعية او خدمية اوفكرية اوانسانية سمة سائدة من سمات جدير بالذكر كواحدة من ادوات التشويق الصحفى

    1. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      أهلًا أخي العزيز د. نصر الدين
      وممتن جدًا للمتابعة والتقييم الجميل
      وحديثكم الطيب هذا عن جدير بالذكر يدفعها لمزيد من التجويد والإتقان
      شاكر للتشجيع والتحفيز
      كن دومًا بكل خير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!