“تشخيص” الأشخاص

بسم الله الرحمن الرحيم
جدير بالذكر
د. معتز صديق الحسن
mutsdal55@gmail.com

“تشخيص” الأشخاص

# بمثل ما التشخيص الخاطئ للمرض يجعله يستفحل وتصعب مداواته لأنه بناءاً عليه أي -التشخيص الخاطئ- يتم وصف الدواء الخطأ فكذلك التشخيص للأشخاص يحتاج إلي صبر وتأن وتحليل دقيق وعميق لا إلي عجلة ومن النظرة الأولي والتعامل العرضي.
# ليكون الاتفاق الكامل والمجمع عليه -بلا أي خلاف- بأن التشخيص الصحيح يفضي إلي وصف الدواء الصحيح فيسهل العلاج إذاً هو نصف الطريق إلي الشفاء هذا إن لم يكن هو الشفاء الكامل -بإذن الله- وكل ذلك ينطبق تماماً علي التقييم الصحيح والسليم لعلاقاتنا مع الأشخاص.
# فلا يصح -علي الإطلاق- الحكم من علي البعد علي الشخص بشكله ومظهره أو التسليم والاقتناع الكامل بالتقييم السماعي بحسب رواية الآخرين عنه؛ فصحة الحكم تتطلب المعايشة اللصيقة والمعرفة القريبة وفقاً لمواقف وحقاً كما يقولون: (الرجال مواقف) وعند ذكر الرجال هنا فهي تشمل الاثنين فكذلك تعني (النساء مواقف).
# ودوننا في ذلك قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين ما قال له رجل: ان فلان رجل صدق فقال له: هل سافرت معه قال: لا قال: هل كان بينك وبينه معاملة قال: لا قال: هل ائتمنته علي شيء قال: لا قال: فانت الذي لا علم لك به اراك رايته يرفع راسه ويخفضه في المسجد.
# للحق إن الناس مخبأة تحت ألسنتها وما يؤيد ذلك مقولة سقراط لأحدهم وهو متزين بأحسن اللباس (تكلم لأعرف من تكون) فقد تحكم علي شخص ما بصورة حسنة من علي البعد لكن عند محادثته ومخالطته تتغير الصورة تماماً وأيضاً قد تحكم علي آخر بأنه سيئ لكن عند التعرف عليه من قرب تجده جميلاً في أفعاله وأقواله.
# هنا لابد من الاشارة إلي أن التقييم الصعب يتضح إذا صادفت منافقاً -يظهر خلاف ما يبطن- فتلك خصلة خبيثة لا تجلوها علي حقيقتها إلا المحن والشدائد فتكون الطامة بتقييم أحدهم بأنه صالح لا طالح لكنه هو فقط يجيد فن التمثيل والتلون كالحرباء بإجادة التصبغ بكل الألوان بحسب الموضع والموقف الذي يكون فيه.
# الوصية الخالصة -لوجه الله- لا لإقامة صروح الاخاء والصداقة علي الأنانية والمصالح وبحسب الحسابات والمكاسب الشخصية فكل ذلك يعمل علي هدمها من أصولها لكن فلتقم علي قيم الايثار والتضحية وبذل الغالي والنفيس -بلا من أو أذي- ليشمخ بنيانها من أجل استمراريتها بمراعاة المعاني الكبيرة والجميلة والقيّمة.
# أخيراً –يا رعاك الله- فليكن في البال أنه ليس هناك إنسان كامل فسامح الإخوان وخذ بأيديهم إلي طريق الصواب لأن الأخ الحق والصديق الصدوق الوفي هو من يصفح الزلات ويتجاوز عن الهفوات والهنات لأن من طبائع الناس الخطأ والرجوع عنه وإلا سوف تكون بلا أخ أو صديق كما في قول الشاعر: إذا كنت في كل الأمور معاتباً *** صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه. والله من وراء القصد.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.

2 thoughts on ““تشخيص” الأشخاص

  1. يا سلام عليك….
    فعلا حتي في مجالي التشخيص الصحيح للمرض هو ٩٠% من علاج المرض ….وكم أشخاص نكتشف بأنهم قمه في الروعه ونحن حكمنا عليهم سابقا بالمظاهر …وللأسف في بعض الأحيان يكون الوقت قد ازف لي إرجاع العلاقه بينهم .
    ياليت قومي يعلمون …..والله المستعان .

    1. تكرم في الدارين أخي الدكتور د. عزام
      وكم يشرفني أن تتزين صفحة المنصة بمداخلاتكم الفخمة والفخيمة والتي تأتي من قامة طبية يشار إليها بالبنان مما يعني أننا جميعًا وبكل تأكيد نستفيد منها.
      كن دومًا بكل خير
      وتقبل وافر شكري وتقديري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!