كفى بالموت واعظًا

بسم الله الرحمن الرحيم
جدير بالذكر
د. معتز صديق الحسن
Mutsdal55@gmail.com

كفى بالموت واعظًا

# أبدأ حديثي -في هذه الزاوية- بـ«عبارة» تعتبر من تمام الوعظ ومنتهاه: (ومن لم يعظه الموت فلا واعظ له)؛ لأتوقف من بعدها متدبرًا -وبكل الخوف- مسائلًا نفسي يا ترى ما الذي يمكن أن يعظنا ونحن لم نعد نتعظ بـ«الموت»؟!
# ويصدق قولي هذا- حال الأحياء «اللاحقون»؛ عند دفن الموتى «السابقون»؛ وهم يتناولون هموم، وأخبار معاشهم «الدنيوي»، بلا تمعن فيه -نسأل الله لنا ولكم العافية- على الرغم من جلوسهم على حافة الدنيا وبداية الآخرة؛ عند حُفر القبور، ومتكئون على شواهدها؛ لـ«تكون» شاهدة عليهم؛ وهم يرتكبون هذا الجرم المميت.
# فـ«الفلاحون» يغرسون ويحصدون، والتجار يبيعون ويشترون، ويتخلل هذا ترفيه أهل الرياضة واللهو، كلٌ يتفاخر بـ«فريقه» ومغامراته، ولـ«تأكيد» «تمام الكيف» عند كل واحد من هؤلاء؛ فـ«هذا» يشعل «سيجارة»، وذاك يضع «سفة صعوط»؛ وسط الضحكات المجلجلة بـ«فرح»؛ كـ«أنه» واجب على الناس أن أطلبوا «الضحك» من المهد إلى اللحد.
# دون مراعاة لـ«حرمة» عالم البرزخ فـ«هذا» القبر الذي هو أول منزلة من منازل الآخرة؛ فإما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار؛ صرنا نمارس عنده كل ما سبق كأنه أول منزل من منازل الدنيا، فـ«الأحياء» سابقون والأموات لاحقون، وحالنا بـ«هذا» الوضع المعكوس- فمن يسأل الله لأخينا التثبيت فإنه الآن يسأل.
# لم تعد الناس تصمت في هذا المكان كأنما على رؤوسهم الطير؛ بل هم الذين فوق رؤوس الطير؛ لـ«خفة» أحلامهم، وأمانيّهم، وعلو شقشقة جلبتهم، وضوضائهم. فهل شق «ود اللحد» هذا لم يعد أحد يخاف منه؟ وماذا حضَّر له من عمل صالح خالص لوجه الله؟
# أيفعلوا ذلك لأنهم لا يسمعون عذاب أهل القبور، والذي يسمعه كل شيء؛ حتى الحيوانات ما عدا الثقلين الأنس، والجن؟. فحقًا الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا؛ لكنها انتباهة قد يقال فيها «قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون».
# إذن.. فـ«السعيد» من اتعظ بـ«غيره»؛ لكنهم هم أشقياء أموات يُتعظ بهم؛ وإن كانوا أحياءً فهم كـ«الموتى». يا ترى بعد هذه الممارسات الخاطئة، والأفعال الشنيعة يمكن أن نعود بـ«قيراطين» من الأجر أمثال جبل أحد أو الجبل العظيم، فإن لم نعد بهما فإذن.. فكما يقول ابن عمر رضي الله عنهما : (لقد فرّطنا في قراريط كثيرة)، بل أخشى أن تغدو قراريط كثيرة، لكنها من الوزر.
# والحال هكذا -بل دومًا- نسأل الله هداية إلى الصراط المستقيم، ورجوعاً إلى طريق الحق القويم؛ وأن يرزقنا الخوف منه، ومن عذابه، والفوز بجنته، والنجاة من ناره؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه. آمين يا رب العالمين. سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!