“كُسّير التلج” … حرارة الأقوال وبرودة الأفعال

0
“كُسّير التلج” … حرارة الأقوال وبرودة الأفعال

بسم الله الرحمن الرحيم
جدير بالذكر
د. معتز صديق الحسن
mutsdal55@gmail.com

“كُسّير التلج” .. حرارة الأقوال وبرودة الأفعال

# تنتشر في معظم مواقع العمل الرسمية (العامة والخاصة) وغير الرسمية (المجتمع) ظاهرة مخالفة لما نؤمن به وما نشأنا عليه من أخلاق كريمة فهي غريبة اليد واللسان والاسم والمعاني ألا وهي (كسيّر التلج) المبذولة حصريًا لبعض (معالي أصحاب السمو) من المسؤولين وأصحاب الجاه والأموال والمصالح …الخ.
# تحقيق ذلك يكون بالتزلف والتقرب إليهم بإهدائهم الأقوال والأفعال والتي في أقل مراتبها “التكسيرية” تجدها زائدة بجرعات كبيرة عن مستويات التعامل التلقائي الصادق والمقبول بل هي مؤيدة ومباركة ومفاخرة بكل ما يصدر من أصحاب المقامات السامية -سابقي الذكر- سواءً ما يقولونه أو يفعلونه أو يقرونه أو حتى ما يتخيلونه.
# أما ما يدعو للاستغراب والاندهاش –بصورة أكبر- رضا المُكسّر لهم بهذا الثلج الذي يعرفون شره من خيره وكذبه من صدقه إما تغافلًا أو تجاهلًا فيمررون مراسمه التقديرية والتبجيلية المصنوعة بجودة متدنية وساذجة لا تمر على عقول الأطفال الصغار لكنهم يريدون من الأخرين الكبار الراشدين أن يكونوا مثلهم في هذا التمرير.
# لأنهم يطيرون به فرحًا وإن أضمروا في بعض المرات تظاهرهم بعدم الاهتمام به أو الالتفات إليه بينما هم من أجله يعملون ويكابدون ويصالحون ويخاصمون ويرضون ويغضبون فتعابير وجوههم وتصرفاتهم المريبة التي لا يستطيعون اخفاءها تفضحهم وتجردهم من التمثيل والادعاء الكاذب بل تكاد تقول خذوني إني مذنب.
# ليكون نصيب الأسد من ترقيات التقريب والتحفيز والعطايا والهدايا للذين يؤدون ويجيدون هذه الخدمة -القائمة على اراقة ماء الوجه- وإن تعطلت العقول والمواهب لأن هتافاتهم العالية الضجيج لتغطية فارغ الأناء وذلك بصرف الأنظار عن فداحة الأخطاء وإرباك العادين من إحصاء الهفوات والزلات.
# أنوه أن هذا الثلج المكسر بكثرة بضاعته وافرة ورائجة غير مزجاة ومطلوبة في غالب الأماكن وفي كل الأوقات فصقيع الشتاء لا يجعلها تجارة تبور ورخيصة كما أن سموم الصيف لا تزيد أسعاره ومبيعاته لأنه يقوم على نظرية الكذب من قبل بعض الناس المدربة فقط على النظر دومًا بعين الرضا الكليلة عن رؤية أي عيب.
# وما يؤكد على أنه أقرب للنفاق والخداع من الصدق أنه بعد نهاية خدمة المسؤول أو افتقار الغني أو انقضاء وطر المصالح فالشيء المؤكد تغير مكسرو الثلج من الصفاء للجفاء خاصة إذا ما تطلب استمرار المصلحة وإنجازها إظهار عيوب السابق فهنا تكون الرؤية له تغيرت لعين السخط التي تبدي المساويا الصحيحة وغير الصحيحة.
# والحال هكذا حيث أنه لا يسر الأصدقاء ويفرح الأعداء فلم لا نعمل على تغييره وبدلًا من كسير الثلج لم لا نعمل على بناء قيم الحقيقة والانصاف سواءً من أنفسنا أو لغيرنا. كذلك الذي يكسّر له لماذا لا يقوم بفعل المطلوب منه دون انتظار الجزاء والشكور من الناس فليته ينتظره من رب الناس.
# إن المبالغة في مضمضة الأفواه دومًا بالشكر على الأشياء الواجب القيام بها هو هجاء وقدح أكثر من كونه ثناءً ومدحًا وكذلك تكرار التقبيل للأيادي لقيامها بالأشياء الواجب عليها تنفيذها هو اتهام لها بأنها مقصرة وعاقة أكثر من أنها خادمة وبارة هذا ناهيك عن أن تكون هذه الأفعال غير صحيحة ومدعاة ومزيفة ومفبركة و… و…
# الخلاصة بلا شك إن المكسّرين للثلج هم يقلّبون الأمور ويبدّلون الحقائق متى ما تطلبت مصالحهم ذلك فيصوروا لك أن الخذلان نصرة والظلم عدالة والبطش عفو والباطل حق. عافانا وعافهم الله من كل ذلك. كما نسأله أن يرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلًا ويرزقنا اجتنابه. آمين يا رب العالمين.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!