“الفيس بوك” و”الواتساب” .. دموية الصورة

0
“الفيس بوك” و”الواتساب” .. دموية الصورة

بسم الله الرحمن الرحيم
جدير بالذكر
د. معتز صديق الحسن
mutsdal55@gmail.com

“الفيس بوك” و”الواتساب” .. دموية الصورة

# من خلال المتابعة لعدد كبير من مواقع التواصل الاجتماعي مثلًا موقعي الفيس بوك والواتساب تصل -بلا كبير عناء- إلى ملاحظة تداول الصور الدموية بصورة مثيرة للاشمئزاز والتقزز والخوف ولم يعد هذا النشر الدموي على فترات متباعدة -وإن لم تكن هذه أيضًا بحسنة أو مرغوب فيها- وإنما صار بصورة راتبة ويومية.
# الانتشار الكبير والكثيف لتلك النوعية من الصور ذات اللون الأحمر القاني في تلكم المواقع يؤكد على حقيقة اختفاء واندثار قيم جد كانت جميلة والتي تتمثل في ثقافة الاعتذار بالامتناع عن نشر الصور البشعة بالرغم من أهمية الخبر المدعوم بالصورة -كما هو متعارف- والمؤيد بمقولة: (الصورة تعادل ألف كلمة).
# لكن لا تزال القنوات الفضائية الكبيرة وصاحبة الجماهير العريضة محافظة على عدم التناول لكل ما يمس المشاعر الإنسانية ففي كثير من أخبارها تحجب الصور مراعية لمشاعر المشاهدين خشية جرحهم وايذاءهم فتشير لملكيتها لصور تدعم خبرها لكنها تنوه لعدم عرضها لبشاعتها وفظاعتها ودمامتها ودمويتها و… و…
# بينما الوسائل الاجتماعية -ودون أن يطرف لشاشاتها جفن- تنتهك كل الحرمات الشخصية والعامة ولا تفريق فيها ما بين حرمة الأحياء أو الأموات مع أن حرمة المسلم وهو حي كحرمته وهو ميت وبالرغم من كل هذا فهي تسعى بحرص كبير على نقل الصور وهي تتعرى فضائحًا وتقطر دمًا وتئن ألمًا وتلفظ أنفاسها الأخيرة موتًا.
# نعم هناك الكثير من تلك المواقع لا تتورع عن نشر وبث كل ما هو مشين وقبيح -خلقًا وأخلاقًا- لكنها لا تصل اليك في مكانك لوحدها فيذهب اليها البعض على خطى أصابعه بحثًا ولمسًا وتصفحًا -سرًا أو جهرًا- لكن ماذا أنت فاعل مع المجموعات و”القروبات” التي تسجل فيها عضوية الاشتراك طوعًا واختيارًا؟!
# لتجد فيها الصور المخضبة بالألوان الحمراء الحزينة أو الصفراء الفاضحة أو السوداء القاتلة والمميتة؛ لكن بالرغم من أنك كثيرًا ما تتجاوزها إلا أنه هناك بعض منها تشاهدها غصبًا عنك وإن كنت حريصًا على غض البصر فتقع منك النظرة الأولى عليها لتكون أكثر حرصًا على عدم إلقاء النظرة الثانية لكن بعد أن (تقع الفأس على الرأس) وأكثر تحديدًا بعد أن تقع (السكين) على (العين).
# لأن السمة الغالبة في هذه القروبات بل بالأدق من النادر جدًا أن تجد شخص سواءً أكان قبل أم بعد إيراده لموضوع يرفق اعتذارًا عن نشر الصور المصاحبة له لابتذالها أو بشاعتها ليبرز السؤال لماذا صرنا في غالب حياتنا الواقعية وشاشاتنا الافتراضية دمويين ومنحطين؟ كأنما تسيطر على عقلياتنا ثقافات عنف “الدراكوليين” مصاصي الدماء والجنس و… و…
# فهل من عوامل الجذب والتعاطف مع ما تنشر لابد من استخدام الاثارة؟ فأية إثارة هذه التي تفرض وتعرض الدماء بدم بارد؟ لنذكر بأن التداول على أوسع نطاق لهذه الصور الدموية لا يقل جرمه كثيرًا من الذي أرتكب الجريمة بداية وهنا لا تملك إلاّ الأسف والندم على اندثار قيم الستر والأمان والسلام لتحل محلها ثقافة الفضائح والعنف والاقتتال.
# نصيحة خالصة لوجه الله تعالى إن التبادل الواسع النطاق لهكذا صور دموية وعلى مستوى الأفراد يمكن لثقافة التربص وتراكم الاحقاد والإحن والكره والكراهية والتباغض والعصبية والقبلية ومن ثم ايقاظ المرارات وفتن الثارات والاقتتال والقتل (وأخذ حقي بيدي) لتموت قيم العدالة والعفو والصفح والتسامح.
هذا والله المستعان. سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!