ما يبني الأوطان .. العفو الحقيقي

2
ما يبني الأوطان .. العفو الحقيقي

بسم الله الرحمن الرحيم
جدير بالذكر
د. معتز صديق الحسن
mutsdal55@gmail.com

ما يبني الأوطان .. العـفو الحقـيقي

# بكل أمانة ولاكتمال بناء هذا الوطن وبكل أجزائه المختلفة فإننا بحاجة كبيرة وملحّة وعاجلة إلى تفاهمات ومصالحات تقوم -بحق وحقيقة- على العفو الحقيقي.
# وذلك حتى نخرج به بسلامٍ إلى بر الأمان بدلًا من تركه وهو يغوص منا أسفل سافلين وفي أعماق مجهول جحيم حروباته وصداماته ومشكلاته.
# وليكن أسوتنا وقدوتنا -أولًا ودائمًا- في ذلكم السلام النبيل والعفو التام رسولنا الكريم صلوات الله وتسليماته عليه رسول الإسلام والسلام والإنسانية.
# والذي بعد أن قَدِرَ عفا عن أهل مكة حين خاطبهم: (ما تظنون أني فاعل بكم) قالوا: (خيرًا أخ كريم وأبن أخ كريم) قال: (فاذهبوا فأنتم الطُلقاء).
# ولأن الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها فلنستصحب المعاملة الكريمة لـ”نيلسون مانديلا” لخصومه وسجّانيه بعد أن سجنوه (27) عامًا، وبنائه لدولته جنوب أفريقيا على قيم المسامحة والصفح وذلك لإيمانه العميق والمترسخ بأنه كما يجر الثأر إلى الثأر فكذلك الانتقام يجر إلى الانتقام.
# وكذلك “مهاتما” الهند “غاندي” والذي كافح العنف باللا عنف ليهزم أعداءه شرَّ هزيمة في سابقة متفردة ما يزال التاريخ يردد صداها بكل الفخر والإعجاب.
# وتحقيق كل ذلك لابد أن يسنده بيت الشعر الجميل لإيليا أبو ماضي وبتعديل بسيط منا: (والذي نفسه بغير “سلام” *** فلن يرى في الوجود شيئًا “مسالمًا”).
# عليه فإننا ننصح ويستوي في ذلك عندنا الحكومات المتكررة جميعها سواء الأنظمة الفائتة أو حتى الحكومات اللاحقة والذين يرجون ويروجون جميعهم لعودة أحزابهم والتي حكمت بعد الاستقلال مباشرة.
# ليتكم جميعكم تتعظون من تكرار ذات الأخطاء حيث أنكم تنهون عن خلقها معارضين وترتكبونها ذاتها كحاكمين وهذا عار عليكم تفعلونه وعظيم.
# مثال أول لذلك ويتضح جليّا في الخدمة المدنية فعبارات التطهير والصالح العام وإزالة التمكين لا فارق بينها بل من العيب والغباء والجنون استنساخ فظائع أخطائها.
# كما نؤكد أن رفضنا هنا لمفردات “التشليع” الثلاث هذه لا يعني عدم الإبعاد لمن استغلها لمصالحه ومن لم تجيئ به كفاءاته ومن ليس في مجال تخصصه.
# فلا تحاسبوا فيها من يخالفكم في الأفكار وإن كان محقًا وتتركوا من يوافقكم فيها وإن كان مخطئًا بل محاسبة أنفسكم ومن معكم فلتكن قبل الأخرين.
# كم تمنينا لو أن واحدة منهم طبقت خاصة الحكومة ما قبل الأخيرة ليس الفصل بالفصل ولا التعذيب بالتعذيب فإذا كان البادئ أظلم فالذي يردها فهو ظالم مرتين.
# فمتى يكون داعي إصلاح الخدمة المدنية -في إطاريها العام والخاص- دون النظر في الانتماءات الحزبية أو التيارات الفكرية والمصالح الشخصية و… و…
# أما في المثال الثاني الأهم وبتوضيح أعم فإنكم بارعون جدًا في هتافات الشعارات وفاشلون أكثر في متابعة إنزالها للواقع فتقولون ما لا تفعلون وتفعلون ما لا تقولون.
# ومثلًا شعارات ثورة ديسمبر -والتي شغلت كل شعوب العالم وبرؤسائها- (حرية سلام عدالة) فمعظم التابعين لها ترديدًا سقطوا في أول تجربة امتحان فيها.
# وسقوطهم هذا وإن كان حال المناقشة فقط فإنهم عند تطبيقه أذاقوا الناس العجب العجاب فمن يعجز في صدق القول فهو في فعل التطبيق لأعجز.
# فالحرية التي لنا ولسوانا يفهمونها ويطبقونها باستماتة تنافس الدكتاتوريين أنها لهم وليست لسواهم إذًا “دكتاتور” واضح خيرٌ من “ديمقراطي” منافق..
# كما أن العدالة تعني عندهم المحاسبة والعقاب وتطبيق القانون أو اللا قانون على من هو ضدهم وليس المذنب أيًا كان.
# أما في السلام وبما أننا في مجتمع غالبيته مسلمون ففي مناقشاتهم بالإشارة أو بصريح العبارة يدعون إلى تقديم المزيد من التنازلات بإعطاء الدنيئة في ديننا.
# وبمجرد التناول لمبادئ الدين الإسلامي يحورونها لـ”فوبيا” الإسلام السياسي مع تجهيزهم سريعًا لوصمة الهوس الديني لإلصاقها بالأخرين.
# فإذا كانت المدافعة الصحيحة عن مبادئ الدين الإسلامي الحقة والجديرة بالافتخار للانتماء إليها هو الهوس فبالله عليكم أين يكون العقل وكيف يكون التعقل؟!
# ومن فمكم ندينكم فلم التنمر وعدم الاحترام لأخيكم المسلم ووصفه بالمهووس إذًا فعدم مناقشتكم له بالحسنى فذلكم الهوس الديني وبعقائد المخالفين.
# لأن هدفكم من كل ذلك هو الإرضاء للدول والمنظمات المدّعية لحقوق الإنسان وكفاح الإرهاب ولن يرضى عنكم أولئك الظالمون والإرهابيون إلا باتباعكم لملتهم.
# كل الأسف أن تكونوا ملكيين ومسيحيين ويهوديين ولا دينيين أكثر من الملكيين والمسيحيين واليهوديين واللا دينيين انفسهم ولا تدافعوا ولا تدعوا من يدافعون عن الإسلام بحسب ما هو مطلوب منا كمسلمين جميعًا. والله نسأله إصلاح الحال والأحوال. سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.

2 thoughts on “ما يبني الأوطان .. العفو الحقيقي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!