دعــه يتـوقــف عـنـدك

بسم الله الرحمن الرحيم
جدير بالذكر
د. معتز صديق الحسن
Mutsdal55@gmail.com

دعــه يتـوقــف عـنـدك

# خلال الأيام الفائتة، وأثناء تصفحي لبعض مواقع التواصل الاجتماعي “الواتساب”؛ -على سبيل المثال لا الحصر- توقفت كثيرًا -ومؤيدًا- عند مبادرة طيبة تنادي؛ بمحاربة الظواهر السالبة المرسلة عبر الوسائط “الالكترونية” بدعوتك برجاء: (دعه يتوقف عندك).مشيرة في ذلك “للفيديوهات” أو الصور، أو الرسائل الهادمة للدين، و الهاتكة للحرمات، والصادمة للنفس، والخادشة للحياء.
# فأعجبتني المعاني الكبيرة؛ لهذه الدعوة النبيلة، والمتفقة تمامًا مع بناءنا القيمي المجتمعي الفاضل، والصحيح ككل وضرورة مراعاتها، والعمل على الدعوة اليها، ومن ثم تطبيقها بأسرع ما يمكن؛ وهذا لا يتحقق الا بالتسابق بهمة عالية، وصادقة، ومخلصة؛ لمحو كل التشوهات السالبة التي لحقت بالدين، والأخلاق، والقيم السمحاء؛ بسبب تلكم الاستخدامات الخاطئة؛ لهذه المواقع الالكترونية.
# لكن تبّدت لي الحوجة اليها، والتذكير والعمل بها، وبصورة عاجلة؛ حين ما وصلني “فيديو” من أحد الإخوان في الصباح الباكر من يوم الجمعة؛ للتهنئة بعيدها المبارك؛ فكان ظاهره الخير، وباطنه الشر، وهو يحتوي على مجموعة من الصور المكتوبة بعبارات كأدعية، والمصحوبة بموسيقى جاذبة لمسلسل أطفال “كرتوني” شهير. والعهدة في رواية معرفة ذلك اللحن لابنتي الكبيرة. وهذا موضوع آخر يحتاج للتناول، والمعالجة.
# بالرجوع لموضوع “الفيديو” تلاحظ -بلا بذل جهد أو اجتهاد- الاستخدام الماكر -من البعض- لهذه المواقع الاجتماعية وفيه تحديدًا على طريقة دس السم في الدسم، هناك دعوة واضحة لنشر الفكر الشيعي، وبثه بخبث صريح؛ فحقًا لا يجترئ أهل الباطل على المناداة بباطلهم على الملأ؛ إلاّ عندما يتهاون أهل الحق عن الصدع به، والقيام بحمايته كما ينبغى، ويجب.
# ما يؤيد كل ذلك أنه إلى جانب هذه العبارات الدعوية المقبولة ظاهريًا في عدد من لقطات “الفيديو”؛ تمت الكتابة في الصورة الخامسة منه دعوات صريحة بلا مداراة، أو تقية وببركة الجمعة بأن نبلغ زيارة كربلاء، ونُذكر عند الزهراء، والنجاة بشفاعة الحسين. وأما في الصورة الأخيرة غير المستقرة، والمتحركة بصورة دائرية سريعة لشيء في أنفسهم الخبيثة دُست دعوة أن يعجل الله لوليه بالفرج.
# إذن قبل النسخ، والتوزيع لما يقع تحت يدك -لا عينك- يجدر بك مشاهدة، وتقييم، وتقويم ما تريد نقله، و(لصقه) للآخرين؛ فكيف تراهن على إعجاب الآخرين بهدية لم تشاهدها، ولم تقف عليها بنفسك؛ لتصير مثل هذه الهدايا المقدمة بسذاجة، وبراءة. فاتكة، وقاتلة. وبمثل ما (من الحب ما قتل)، أيضًا ومن البراءة ما قتلت.
# فمن يعمل على نقل هذه الأوبئة الالكترونية، ويعمل على توزيعها؛ بنشر نار “اتصالها” في هشيم “الجوالات” لا يعدو الواحدة من ثلاث حالات وجميعها لا يمكن وصفها الاّ بالطامة الكبرى، أولاها الاطلاع عليها وعدم الفهم لمضامينها بسبب الجهل، وثانيها النقل بدون روية وتبصر ،واخراها معرفة خللها لعلمه به؛ لكن يعمل على توزيعها دون تنبيه الغير لخطرها، وضررها.
# ما يتطلب من الجميع؛ العلم بالأقوال، والأفعال الصحيحة المقيدة بكتاب الله، وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام، والدعوة إليها، والعمل بها، وبالمقابل معرفة كل ما يحيد عن هذه المنهجية الربانية الواضحة وتوضيحها للناس من أجل تركها والابتعاد عنها بالكلية لأنه كما جاء في الحديث الشريف: (من دعا إلى هدي كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الاثم مثل آثام من تبعه ينقص ذلك من آثامهم شيئًا).
# إذن لا أسوأ من الاستغلال بمثل هذه السذاجة الالكترونية من قبل أصحاب الغرض، والمرض؛ ليروجوا عبرك للنهج المرفوض عبر قالب مرغوب، ومتفق على جوازه، وأحقية تبادله بالنشر فلا تكن مجرد “كبري” تمرر عليه الأشياء دون العلم بما لها، أو عليها ومن ثم تعبر عليه الاساءة، والسيئات؛ لكن وطن نفسك على إن أحسن الناس أن تحسن، وإن أساءوا أن تجتنب اساءتهم.
# بالتأكيد هذا لا يمنع من البصم بالعشرة؛ -على الرغم من استعار الحروب الأخلاقية الإلكترونية على أشدها- على حقيقة أن هذه المواقع الالكترونية هي مجرد مواعين فقط إن ملئت بالخير فاضت بالخيرات، وإن عبئت بالشر طفحت بالشرور، وهذا يتوقف على أصابعك عند الكتابة عم ماذا تريد أن تبحث؛ فحقًا كل إناء بما فيه ينضح. وانتهاجًا بالحديث القدسي: (فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلاّ نفسه). ألاّ هل بلغت. اللهم فأشهد.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.

1 thought on “دعــه يتـوقــف عـنـدك

  1. تسلم يا دكتور بوست قمة الروعة وابداع في الطرح القيم سلمت يداك فعلاً النسخ مصيبة كبري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!