اتســاع الاقصــاء وتضيــيـق الادنــاء

بسم الله الرحمن الرحيم
جديـر بالذكر
د. معتز صديق الحسن
Mutsdal55@gmail.com
اتســاع الاقصــاء وتضيــيـق الادنــاء
# من يلق نظرة سريعة على مجمل تعامل الناس -في ما بينهم- في زماننا هذا سواءً أكان داخل الأسرة الواحدة والأقارب، أو على مستويات الأصدقاء، والمعارف. بل حتى على مستوى عابري الطريق؛ يلحظ سمة واضحة، ومزعجة لعنوان التعامل هذا أنه يقوم علي الضجر والتضجر.
# فصارت الناس تتضجر من بعضها في أفعالها دعك عن أقوالها، وفي قلوبها دعك عن قوالبها، فاصبح خلاف الرأي يفسد ود كل القضايا وليس فقط ود القضية الواحدة المعنية والمطروحة للنقاش، فرفضت النفوس بعضها ولم يعد (يشيل العنقريب مية)، بل حتي من في (العنقريب يقنت من في البرش)؛ تبرمًا لأنه لا يريد أن يجلس أحد أسفل منه.
# فلماذا كل هذه الفظاظة والغلظة في المعاملة، والتي تؤدي لا محالة لانفضاض الناس من حولنا. وصدق الله عز من قائل: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظًا غليظ القلب لأنفضوا من حولك… الآية). وكذلك نتساءل لم كل هذا الاتساع في الاقصاء، بينما في الجانب الأخر كل التضييق في الادناء؛ حين أن المطلوب هو العكس (اتساع الإدناء وتضييق الاقصاء).
# وبهذا أمرنا القرءان الكريم بـإفساح المكان للأخرين في مجالسنا يقول تعالى:(يا أيها الذين أمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فأفسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا… الآية)، ومن هنا يفهم أن الافساح المادي عاقبته بشرى واصلة ووعد غير مكذوب بالإفساح المعنوي المطلق وممن (يفسح الله لكم).
# إذًا فإن إفساح الصدور لمعاملة الأخرين بالحسنى أوجب وأولى؛ فان كنت ترى ما تقوم به من معاملة أنها عين الصواب فأعلم أن فيها بعض الخطأ، كما أن معاملة غيرك التي تراها كلها خاطئة فإن فيها بعضًا من الصواب وعلى هذا المقياس النافي لعصمة النفس عامل الناس بأن تقبل منهم الاعانة في الخير والتقويم للاعوجاج.
# ولأننا بعيدون عن هذه الاخلاق الرفيعة في فن التعامل (بالتي هي أحسن) فلا عجب أن نشهد على النطاق الأسري عقوق الوالدين، وجفاء الأخوة، وارتفاع نسب الطلاق، أما على نطاق المجتمع فالجرائم غريبة ومتزايدة بسبب العصبية والقبلية والمواطنة و.. و.. بل وصلت حتى لمستوى الدولة فهناك صراعات بين من يكون الحاكم ومن يكون المحكوم، أما الأدهى والأمر فقد وصلنا إلى درجة أن يعادي المرء نفسه التي بين جنبيه وهذا ما يؤيده ارتفاع نسب معدلات الانتحار.
# صادقًا أرجو أن لا تصيبكم كتابتي هذه في ما آل اليه حال التعامل بين الناس -في غالبه- بمزيد من الغم والضجر، بل أتمني أن تكون فاتحة خير لتعامل أفضل ودمتم متحابين، كما أسأل الله تعالي أن يجعلنا وإياكم من الذين قال فيهم: (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانًا على سرر متقابلين). اللهم آمين يارب العالمين.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.