“الفيس بوك” و”الواتساب” كتابات مبتورة

بسم الله الرحمن الرحيم
جدير بالذكر
د. معتز صديق الحسن
Mutsdal55@gmail.com
“الفيس بوك” و”الواتساب” كتابات مبتورة
# لاحظت في الفترة الأخيرة ومن خلال التعامل مع وسائط الاتصال الاجتماعية الحديثة خاصة “الفيس بوك” و”الواتساب” وأكثر تحديدًا في الجانب المتعلق منها بتبادل الرسائل أن ما يكتب وينشر فيها -في الغالب- يفهم بالمقلوب والصورة الخاطئة سواءً أكانت مع أحد الإخوان أم الأصدقاء أم مع مجموعات (العمل والزملاء والمناطق) والمعروفة أي هذه المجموعات اصطلاحًا بـ”القروبات”.
# بمعنى أنها لا توصل معاني التواصل المقصودة والصحيحة كما يجب وبمدلولاتها الحقيقية فقد تغضب الطرف الآخر وأنت لا تدري في حين أن قصدك أن تفرحه وتسره وما يزيد الجفاء بينكم تركك له وهو على غضبه وأنت في مشغولياتك لأسباب أخرى وعدم علمك أصلًا بغضبته المصنوعة من خياله ليتوهم وبالزيادة أن ما توهمه كان صحيحًا ويكون الانفجار عندما تريد الاتصال به مرة أخرى –كالعادة- للسؤال عنه وعن أخباره.
# فأكثر ما تستطيع فعله وقتها أن تشرح وتفسر وتعتذر وتترجى أن ما تم فهمه هو غير المقصود وأن المراد هو كذا وكذا بعد كل ذلك قد يقبل اعتذارك أو الأقرب قد يرفضه بأسلوب فظ ليؤدي إلى مزيد من الخلاف والاختلاف فلماذا نجعل من هذه الوسائل محددة لأشكال تعاملنا وعلاقتنا؟ بل تتحكم فيها بحسب أفهامنا الخاطئة فلماذا لا نحمل كلام الغير على الوجه الحسن وإن حسبناه خطأ؟ لماذا لا نلتمس له كل العذر وإنه لا يقصد ذلك على الاطلاق؟
# وفي ذلك فليكن هادينا لشعيرة التعامل بالتي هي أحسن قصة ذلكم الرجل الكريم الذي مرض ولم يعده الناس لمواساته وهو كثيرًا ما كان ينفق عليهم ويجزل لهم العطايا فقالت له امرأته: (إنهم يكثرون في عافيتك ويقلّون عند مرضك) فقال لها: (لعلهم تسؤهم رؤيتي وأنا على هذا الحال). فلنقتدي به ولتسؤنا رؤية وحساب الآخرين في مواطن الاتهام والريبة وليفرحنا أنهم محل الصدق والثقة.
# إذن الاتصال المسموع ومن خلال نبرات الصوت، والمرئي بواسطة الصورة وتعابير الوجه والاشارات يصلان بصورة سريعة ومريحة ومفهومة أما الرسالة المنشورة كتابة وخاصة في جانب مجاملاتنا الاجتماعية فتحتاج إلى بذل كثير من الجهد وتوخي الدقة والحذر لتصل كما هي بدون تحريف فمثلًا تجيبه ويعتقد أنك تسأله، تفرح له ويظنه عليه، تلاطفه يحسبها مجاملة، تحدثه بنفس بارد يعتبره حادًا، تطلب منه شيئًا على سبيل الرجاء ويظنها أوامرًا وهلمجرا.
# فالطرف الأخر أحيانًا كثيرة يتعامل معك بتوقعات غير محسوبة عندك بل بحسب ما يتوقعه هو لا بحسب ما تقصد أنت وبناء على ذلك يعاملك عاكسًا الصحيح لخطأ والخطأ لصحيح. وكأنما انتبه القائمون على أمر هذه الوسائل فصمموا العديد من الحركات المعبرة لتضمن مع الرسائل المكتوبة على طريقة كل تعابير الوجه واشارات الأيدي وسائر الاشارات المتبادلة والمتعارفة والمتفق عليها اجماعًا بين كل بني البشر.
# لكن بمقدورنا أن نجعل وصول هذه الرسائل كاملة المعنى وذلك بظننا الحسن لدرجة اليقين والتيقن كأنما هي اتصال بين شخصين أو بين مجموعة حقيقية على أرض الواقع يضمهم سقف واحد لكن بالمقابل وبظننا السييء سوف نجعلها وهمًا على أرض الخيال وكل فرد فيها معزول عن الآخرين اجتماعيًا حتى وإن ضماه اسفير الفضاء الالكتروني مع ملايين الناس.
# لا يفوتنا القول أن شركات الاتصالات تساهم بجزء مقدر في تبادل هذه الاتهامات الباطلة بين أفراد المجتمع ليتهم كل أحد أخيه إلى جانب ما سبق بالكذب والمراوغة واللف والدوران. عليه فإنا نطالبها كمواطنين نساهم في نجاحها ماديًا بأن ترفع من كفاءة شبكات اتصالها لتكون عبارات متصل الآن وآخر ظهور بتاريخ كذا والساعة الفلانية حقيقية لترفعوا بيننا من قيم الصدقية العالية والثقة الكبيرة لننجح بدورنا اجتماعيًا ومعنويًا.
# إذن ومع مراعاة أن هذه الوسائل الاتصالية الاجتماعية الحديثة كأنما صممت لنا نحن معشر السودانيين وذلك بحسب استخداماتنا الكثيرة لها لأننا نتواصل بها كثيرًا في أفراحنا واتراحنا وفي حلنا وترحالنا وفي … وفي …. و قبله نعلم أنها ذات أهمية كبيرة في نقل كل أشكال الأخبار الصادقة بأسرع ما يمكن بعيدًا عن الاشاعات لكن أيضًا يقع على عاتقنا بل يجب علينا ألا نجعلها في التواصل الاجتماعي ذات أضرار وإثمها أكبر من نفعها.
# على كل الموضوع جدير بإعطائه مزيدًا من المتابعة والاهتمام والبحث من قبل المختصين وإلى أن يحدث ذلك -عاجلًا وليس آجلًا- تبقى المعالجة الأقرب وذات الحل الناجع أن نحسن من نفوسنا وظنوننا وأقوالنا وافعالنا فإذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه وصدق ما يعتاده من توهم. فنسألك اللهم أن ترزقنا الظن الحسن وأن تباعد بيننا وبين الظن السييء كما باعدت بين المشرق والمغرب. آمين يا رب العالمين. سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.