لا للأمــر بــ(المنكـر) والنـهـي عـن (المـعــروف)

بسم الله الرحمن الرحيم
جدير بالذكر
د. معتز صديق الحسن
mutsdal55@gmail.com
لا للأمــر بــ(المنكـر) والنـهـي عـن (المـعــروف)
# يقول الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام : (بدأ الاسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ فطوبى للغرباء) وتتحقق هذه الغربة إذا ما القينا النظر -ولو كرةً واحدةً- في كثير من المواقف المشهودة والمتكررة في واقع –غالب- المجتمعات المسلمة.
# مثلًا لا حصرًا عندما تجد أن مفاهيم القيام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صارت مقلوبة في معانيها والأثار المترتبة عليها حتى إذ صار عند البعض الأمر بالمعروف تنفير وعسرًا بينما النهي عن المنكر فهو التشدد والتضييق لواسع.
# بينما الذي يجب أن يفهم بالصورة الصحيحة والمثلى أن الأمر بالمعروف هو التبشير والتيسير بينما ترك النهي عن المنكر هو التساهل الملقي بالأنفس والأيدي في التهلكة والبوار والخسران.
# وترد معظم هذه الدعوات المضللة -بقصد أو بغير قصد- من بعض الذين برعوا في العلم الدنيوي ومن ثم يدّعون العلم في كل شيء فيتجرأون على القول في دين الله -الذي هو أولي بالتعلم- فيفتون فيه بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير -وهم فيه من الجُهّال- ولا تسمع منهم ولو لمرة واحدة عبارة الله أعلم.
# بينما كبار الصحابة رضوان الله عليهم -وهو ليس من باب كتمان للعلم بل تأدبًا معه- لا يتورعون من قولها في حال ليس لديهم علم بالمسألة وينقلون المستفتي في ما بينهم حتى يجد الإجابة بعلم عند أحدهم بل فيها قالوا عبارة تكتب بماء العينين لا الذهب (من قال الله أعلم فقد أفتى).
# إذًا كل الخطأ عدم توجيه النصح والارشاد ودعوة الناس للمسارعة في قول وفعل خيرات المعروف وكذلك الاتقاء والبعد عن شرور المنكرات وذلك من الفهم الظاهر لقوله تعالى: (يا أيها الذين أمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم …الآية).
# بينما جاء في تفسيرها عن ابي بكر الصديق رضي الله عنه: (يا أيها الناس أنكم تقرأون هذه الآية (يأيها الذين أمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم … الآية) وتضعونها في غير موضعها ولا تدرون ما هي وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الناس إذا رأوا منكرًا فلم يغيّروه يوشك أن يعمهم الله تعالى بعقابه).
# لأن خيرية هذه الأمة -الخاتمة السابقة- وبنص كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه في قوله تعالى : (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر … الآية).
# إذاً القيام بهاتين الشعيرتين المتلازمتين واللتين لا تفترقان سواءً أمرًا أو نهيًا يستوجب فيهما أولاً العلم بهما ومن ثم عرضهما بصورة طيبة بدءًا من التيسير في قولهما والتشديد الميّسر في توضيحهما وتبيين العاقبة ربحًا وخسارة ليقبل باغي الخير ويقصر باغي الشر.
# إن انتهجت هذا المسلك الواضح ستتمكن من جذب الأخرين للاستماع اليك أولًا ثم القبول التام بما تدعو اليه شريطة أن تكون قدوة -بحق وحقيقة- عالمًا وعاملًا لتحقق المرحلة الربحية الأهم ألا وهي كسب المدعوين أنفسهم ليسلكوا ويعلموا ذات الطريق القويم.
# ختامًا كل ما سبق هو بمثابة دعوة للتمسك بهما وإن كنت كالقابض على الجمر فنشر الأمر بالمعروف باللسان واليد تلاحظ الاستطاعة فيه ميسرة ومتاحة في غالب الأحوال فلا تسلط و لا منع فيه لتتمناه بقلبك وكل هذا لا يمنع تمنيه بالقلب بينما النهي عن المنكر يتضح التسلط فيه بصورة أكبر فكانت المجاهدات كبيرة والاستطاعة فيه مطلوبة ومحددة خاصة لتغييره باليد واللسان وأخيرًا تغيير القلب الذي هو أضعف الأيمان. هذا والله أعلم.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.