أتـقـويــم بـالأقــلام ومـرفــوض؟!

بسم الله الرحمن الرحيم
جدير بالذكر
د. معتز صديق الحسن
mutsdal55@gmail.com
أتـقـويــم بـالأقــلام ومـرفــوض؟!
# قناعة كبيرة تزداد رسوخًا وثباتًا -مع كل إشراقة صباح يوم جديد- بأننا ما زلنا بعيدين جدًا من بدايات السير بخطى ثابتة في مسارات النمو والتطور والتقدم ناهيك عن التفكير في التحليق عاليًا في فضاء سماواتها.
# السبب الرئيس في تجذر هذه القناعة وتجدد الإيمان العميق بها يرجع إلى ردود الأفعال الغاضبة وإن تظاهرت بالرضا والواصلة بسرعة البرق عند التناول الأمين والتمحيص المتفائل للشؤون العامة بغرض الإصلاح والتجديد والتجويد و… و…
# أية توجيهات مبذولة أو نصائح مسداة -سواءً أكانت منشورة أو مذاعة أو مبثوثة- تفهم من غالب أصحاب المسؤوليات والإدارات وحتى من عامة الناس -إلا من رحم ربي- بالقصد البعيد السيئ لا القريب الحسن فيرفض خيرها الواضح ويتقبل شرها المتوهم.
# لاعتبارات أنها في المقام الأول هي استهداف للأشخاص لا الأداء أي انها ليست بتقييم لسيرهم العملي وإنما تقويم لسيرتهم الشخصية وكذلك هي تقويض لكامل نجاحهم المزعوم لا تصويب في حال فشلهم فيؤمنون ويتعاملون بفهم واحد لا مجال لغيره أن أي نقد هدام وليس ببناء.
# ليته تفهم ولو لمرة واحدة حتى ولو من باب الصدفة أنه ليس كل تقييم للعمل وتوجيه للنصائح هي دعوات لزرع الإحباط واليأس وتثبيط للهمم بالتقليل والانتقاص من جهود الأخرين.
# العاقل ممن توجه لهم هذه النصائح من يظن الأشياء هي الأشياء بصورتها الصحيحة فيعمل بحرص على متابعتها ومن ثم ينفذها بأقصى استطاعته طالما هي إجماع من الناس فيسير وفقًا لها وبها على الطريق الصحيح والمطلوب.
# لنقول هذا رجل رشيد قادر على تغيير هذه القناعات السوداوية إلى بيضاء متفائلة باقتلاع تلكم السيئة المترسخة من جذورها فيجعل الكل يسعى إلى بذل النصائح لأن هناك من يسمع لها ويهتدي ويعمل بها.
# إذًا تمثلًا -ولو من على البعد- بخطى الرعاة الأوائل فليتكم تطلبونها بأنفسكم مثلهم وتقبلونها ولا ترفضونها وإن جاءتكم من الأخرين بغير أمانيّ ما تشتهون طالما وسائل الاعلام -وبحسب جهدها وحدودها- كفتكم مؤونة السؤال وتفقد الأحوال في كل مكان وفي كل مجال.
# فتقبلوا منها بصدر رحب وعقل مفتوح -إعانتها وتقويمها- كما كان بين الراعي والرعية في هدي الخلفاء الراشدين القائل: (إذا رأيتم فيّ خيرًا فأعينوني وإذا رأيتم فيّ اعوجاجًا فقوموني) والرعية تقول: (والله لو رأينا فيك اعوجاجًا لقومناه بسيوفنا).
# فكان رد الرعاة ولله درهم: (الحمد لله الذي جعل في أمة محمد من يقوّم عمر بسيفه) فهناك كان حمدًا لله على التقويم ولو كان بالسيوف لكن ما بال هنا لا يرضى عنه وإن كان تقويمًا بالأقلام. فلا خير فينا إن لم نقلها، ولا خير فيكم إن لم تسمعوها وإن التشبه منا ومنكم بالرجال فلاح.
# خلاصة القول أنه يستوي في الاستماع والتقبل للنصائح أصحاب المسؤوليات والإدارات المختلفة سواء أكانت كبيرة أم صغيرة، عامة أم خاصة، أسرية أم مجتمعية … إلخ، فكلنا راع وكلنا مسؤول عن رعيته. والله من وراء القصد.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.