كــذبٌ بالألــــوان

بسم الله الرحمن الرحيم
جدير بالذكر
د. معتز صديق الحسن
Mutsdal55@gmail.com
كــذبٌ بالألــــوان
# إذا ما القيت نظرة صادقة أولًا -ونؤكد ونشدد على صادقة هذه- ومن ثم سريعة وخاطفة على -غالب- أية معاملة أو تعامل صادر منك أو من الذين حولك من الإخوان والأصدقاء وزملاء العمل و… و… تلحظ فيها -وبلا كبير تركيز- بعضًا من سمات الغش والكذب والخداع …إلخ.
# حتى صار الغش -والعياذ بالله- في هذا الزمان المتأخر ماركة أخلاقية تجارية مسجلة وملتصقة باسم المؤمنين المسلمين -إلاّ من رحم ربي- وهو يبدو واضحًا في بيوتهم وأسواقهم ومدارسهم وأماكن عملهم وللأسف هذا الارتباط الوثيق ما بين الكذب والمؤمن المسلم صار متجذرًا حتي في أذهان الكافرين وطبعًا هذه الماركة التجارية ليست ذات أرباح لكسب الحسنات بل على العكس هي ذات خسائر مهلكة لاكتساب السيئات.
# ويحدث كل ذلك الكذب في كل هذه الأماكن وفي كل الأوقات على الرغم من أنه ورد في الحديث الشريف: (من غشنا ليس منا) وعلى الرغم من هذا النفي المؤكد لعدم تحقيق التبعية الكاملة للسنة النبوية الشريفة وتحايلًا على هذا النص الواضح تجد الكثيرون يدعون أنهم حين يكذبون فإنه يفعلونها ببراءة بينما البراءة منهم وفي هكذا أحوال مريبة لا شك أنها هي التي تتبرأ منهم.
# وذلك حين ما يصفون كذبهم بأنه أبيض ولا ضرر منه وأن الذي يضر بدرجة أقل ذي اللون الرمادي بينما الذي يضر ضررًا أكبر صاحب اللون الأسود لكن فالكذب كذب إن كان أسود أو رماديًا أو أبيضًا حتى وعلى هدي هذه الألوان أيمكن القول أنه إذا كان بنفسجيًا فإنه يكون متعلقًا بالحب وإن كان أحمرًا فإنه يختص بالفتن والقتل والقتال.
# ومن العجائب أننا نريد من أطفالنا أن يكونوا صادقين في أقوالهم وأفعالهم ونحن بأنفسنا نعلمهم جريرة الكذب -بقصد منا أو بغير قصد- وذلك حينما يضرب الباب أحدهم -قارعًا بالنهار أو طارقًا بالليل- فنرسله له ووصيتنا للطفل أخبر من بالباب بأني غير موجود ليفيده بكل البراءة إن أبي يقول لك أنه غير موجود.
# بينما تستمر دروس التعليم للكذب في حال إذا وعدته بتنفيذ رغبة ما أو بتحقيق وعد ما ولا تكترث بذلك لذا فحاول أقصى جهدك وبقدر الإمكان تلبية رغبته وتنفيذ ما وعدته به حتى لا يعدك من الكاذبين وإن لم ينطق بذلك أمامك لكنهم صاروا في كثير من الأحيان قد يواجهون آباءهم ويصفونهم بأصوات باكية ومستاءة إنكم من الكاذبين.
# وإن لم تستطع تلبية طلباتهم والايفاء بما وعدتهم به فعلى الأقل اعتذر لهم وأنك لم تتمكن للأسباب (كيت وكيت) لكن إن تجاهلتهم باعتبار أنهم لن يفطنوا للأمر فأعلم أنك وقتها غرست فيهم بذرة الكذب الضارة وسوف تتعهدها حتى تنمو للأسوأ بتكرار مواقف أخرى متشابهة ومشابهة للسابقة.
# وجراء هذه التصرفات السيئة المعلّمة للغش والخداع سوف يأتي يومًا تعض فيه بنان الندم قائلًا بكل الحسرة لا أدري كيف تعلم ابنائي الكذب وأنت الذي علمتهم أولًا ودربتهم ثانيًا وصقلتهم بالخبرات ثالثًا حتى صاروا يتجنبون الصدق الذي يهدي للبر بل يكذبون ويتحرون الكذب الذي يهدي للفجور حتى يكتبوا عند الله من الكذابين.
# ويا سبحان الله ولبشاعة الكذب وعواقبه الضارة أكثر من النافعة فقد حرمه ديننا الاسلامي الحنيف في كل المواضع والأوقات ولم يحلله الا اضطراراً في ثلاثة مواضع وهي كما جاء في الحديث الشريف ( لا يحل الكذب إلاَ في ثلاث يحدث الرجل امرأته ليرضيها والكذب في الحرب والكذب ليصلح بين الناس).
# وصية أخيرة وحتى نتجنب الكذب دقه وجله صغيره وكبيره وهزله وجده فلنتأس بالحديث النبوي الشريف: ( عن عبد الله بن عامر أنه قال: دعتني أمي يومًا ورسول الله عليه وسلم قاعد في بيتنا فقالت: تعال أعطيك فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما أردت أن تعطيه قالت: أعطيه تمرًا فقال لها رسول الله صلى عليه وسلم: أما إنك لو لم تعطه شيئًا لكتبت عليك كذبة) أو كما قال عليه الصلاة والسلام. والله من وراء القصد.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.