“الشومالية”. على قولهم

0
“الشومالية”. على قولهم

رأي إعلامي

أ/ شاذلي عبدالسلام محمد

“الشومالية”. على قولهم

🔹في قديم الزمان كانت هناك قرية نائية في قلب الصحراء لا يسمع عنها إلا حين يأتي تجار القوافل للاستراحة من عناء الطريق و كان في هذه القرية رجل يدعي (زول فنجري) اشتهر بأنه لا يملك من أمره شيئا سوى لسانه الطويل و كان يهدد أهل القرى المجاورة صباح مساء ويتوعدهم بالويل والثبور وعظائم الأمور رغم أنه لم يكن يملك غير حمار أعجف وسيف خشبي يستخدمه في استعراضاته البهلوانية وذات يوم وقف على ربوة عالية وأعلن بصوته الجهوري (غدا سأجتاح القرى المجاورة وأجعلها تحت سيطرتي) فضحك الناس ساخرين ثم تابعوا حياتهم وكأن شيئا لم يكن لأنهم أدركوا أن الرجل يعيش في عالم خاص به حيث يظن أن الكلمات تصنع الجيوش وأن التهديدات تغير الواقع…

🔹تذكرت هذه القصة وأنا أستمع إلى عبد الرحيم دقلو وهو يهدد ويتوعد باجتياح (الشومالية) كما نطقها بلسانه الذي لم يألف الفصحى ولا حتى العامية السليمة وكأنه لم يتعلم من التاريخ أن الوعيد الفارغ لا يهز جدران المدن وأن التهديدات الجوفاء لا تحرك سوى الهواء و لكن ما الذي يدفع رجلا مثله إلى إطلاق هذه التصريحات؟ ولماذا اختار هذا التوقيت بالذات ليخرج لنا أسطوانة التهديدات المشروخة؟….

🔹عزيزي القارئ حين يفقد القائد السيطرة ولا يجد ما يسعفه في أرض المعركة يلجأ إلى الحرب النفسية وإلى تسجيلات صوتية يظن أنها قد تعيد له بعضا من الهيبة المفقودة وهذا بالضبط ما يفعله عبد الرحيم دقلو الذي استيقظ مؤخرا ليجد أن مشروعه يتهاوى أمام ضربات القوات المسلحة.فلم يجد أمامه سوى أن يرفع صوته عاليا لعل أنصاره المنهكين يلتقطون بعض الشجاعة من كلماته الجوفاء….

🔹لكن وبينما هو مشغول بتوزيع التهديدات فإن الواقع على الأرض يقول شيئا مختلفا تماما فالقوات المسلحة التي يهددها ليست مجموعة مرتزقة يمكن شراؤها وليست مليشيا تعتمد على الفوضى بل هي جيش ذو عقيدة يعرف متى يضرب.ومتى ينتظر ومتى يفشل أحلام الواهمين دون الحاجة إلى جلبة وصياح…..

🔹احبتي السؤال الأهم هنا بأي جيشٍ سيجتاح دقلو الشمالية؟ هل سيجتاحها بفلوله المنهكة التي باتت تتراجع أمام كل هجمة للجيش؟ أم أنه يعول على تسجيلاته الصوتية لتحقق له النصر؟ ربما لا يدرك بعد أن الحروب لا تكسب بالتصريحات النارية وأن الصراخ لن يعيد إليه البوصلة التي فقدها منذ أن بدأ يظن أنه قادر على حكم السودان بالسلاح…..

🔹هناك فرق جوهري بين من يقاتل بعقيدة ومن يقاتل من أجل المال والنهب فالأول صامد لأنه يؤمن بما يدافع عنه والثاني ينهار عند أول اختبار.حقيقي لأنه لا يحمل في قلبه سوى أطماع شخصية وجماعة عبد الرحيم دقلو تنتمي إلى الصنف الثاني.فهي مجموعة.من المرتزقة تتنقل حيثما وجد المال والغنائم ولا تعرف معنى الولاء الحقيقي لأي أرض أو قضية….

🔹لكن الغريب في الأمر أن عبد الرحيم رغم إدراكه لحقيقة الوضع لا يزال يعيش في حالة إنكار كاملة يتحدث عن الاجتياح وكأن قواته في أوج مجدها ويهدد وكأن الخرائط العسكرية ما زالت في صالحه متجاهلا أن الأرض تتحدث بلغة أخرى وأن الميدان هو الحكم الأخير في مثل هذه الصراعات….

🔹الشمالية التي يهددها عبد الرحيم ليست أرضا سائبة ولا مدينة.بلا حراس بل هي أرض صلبة لم تستطع جيوش الاستعمار أن تخضعها ولن تكون مرتعا لمغامرات المليشيات الطائشة فمن يقرأ التاريخ يعرف أن هذه البقعة من السودان لم تكن يوما لقمة سائغة ولا ساحة للمغامرين……

🔹احبتي لا بد هنا من أن نذكر دقلو بحقيقة بسيطة ان القوات المسلحة التي يهددها لم تبن في يوم وليلة ولم تكن مجرد صدفة تاريخية بل هي جيش تأسس على العقيدة والانضباط وصمد في وجه كل من حاول العبث بأمن البلاد وهي ليست بحاجة إلى بيانات صاخبة أو تسجيلات صوتية لتثبت وجودها لأن أفعالها تتحدث عنها في الميدان….

🔹إذا نظرنا إلى تصريحات عبد الرحيم من زاوية أخرى سنجد أنها ليست أكثر من محاولة يائسة لرفع الروح المعنوية لأنصاره الذين بدأوا يدركون أن اللعبة انتهت فبعد الهزائم المتلاحقة لم يعد هناك سوى الكلمات والكلمات وحدها لا تكفي لتغيير الواقع……

🔹إن التهديدات الفارغة ليست سوى انعكاس لحالة الفوضى الداخلية التي يعيشها دقلو وجماعته فحين تصبح القوة المادية غير كافية يلجأ القائد المهزوم إلى الحرب النفسية ظنا منه أنها قد تمنحه بعض الوقت لكنها في الحقيقة لا تفعل سوى أن تعجل بسقوطه…..

🔹إلى الذين ظنوا أن (الشومالية) ستجتاح نقول لهم لا تصدقوا الأوهام فالتاريخ لا يرحم الحمقى فالسودان ليس ساحة مفتوحة لمغامرات الفاشلين والقوات المسلحة ليست جيشا من ورق.والشمالية ليست أرضا تنتظر الفاتحين…..

🔹أما عبد الرحيم فننصحه بأن يعيد حساباته وأن يتوقف عن بيع الأوهام لأن الخرائط لا ترسم بالأصوات العالية ولا تكتب الحروب بالتسجيلات الصوتية فإذا كان يظن أن الشمال سيسقط تحت قدميه فليستعد لمواجهة الحقيقة لأن التاريخ لم يكن يوما في صالح الواهمين….

🔹الى ان نلتقي….

٣ أبريل ٢٠٢٥م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!