صندوق الدعم أم العدم؟!

بسم الله الرحمن الرحيم
جدير بالذكر
د. معتز صديق الحسن
Mutsdal55@gmail.com

صندوق الدعم أم العدم؟!

# في كل مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة والخاصة بتجمعات أبناء بربر (داخل المدينة أو خارجها)، وإن اختلفت انتماءاتهم وفئاتهم، إلا أنه عندما يرد ولو عرضًا اسم صندوق دعم المحليات بولاية نهر النيل، واعتراضًا عليه، تكاد تحس بحرارة زفراتهم الساخنة المنفوثة والمبثوثة عبر أحرف “الكيبورد” في شاشات الهواتف.
# فامتعاضهم وغضبتهم “المضرية” من هذا المدعو (صندوق الدعم)، لها أسبابها لأنه بالتدقيق في ما وراء مبررات قيامه ومن خلال الملاحظة العملية هو صندوق (العدم) بالنسبة لمحليتهم عمومًا ومدينتهم خصوصًا، لأنه عندما كانت كل المحلية (مسكينة ذات متربة) وتشكو الفقر والمرض والانهيار في كافة خدماتها لقلة إيراداتها، لم تكن مدن المحليات الأخرى تلتفت إليها وترفض دعمها بحجة قرار صادر وقتها بأن تعتمد كل محلية في تصريف شؤونها المختلفة على إيراداتها ولا لإعطاء الجيران.
# ولكن عندما صارت المحلية الفقيرة تمتلك الموارد الضخمة من الذهب ومصانع الأسمنت والمشاريع الزراعية و… و… والتي لو تركت لها وحدها بحسب القرار السابق ودون أن تظلم أحد لو تم تطبيقه لأنهم هكذا كانوا يريدون لكانت كافية لتطوير بيئة خدماتها المتردية في الصحة والتعليم والزراعة والمياه والكهرباء و… و…
# بالرغم من كل هذا جاءوا إليها سراعًا أولئك الذين يكثرون فيها عند الطمع ويقلون عند الفزع بقوانين تأخذ كل أموالها وتعطي منها فقط بنسب يحددونها هم وكل ذلك عبر فكرة صندوق الدعم بدعوى مراعاة مصلحة محليات الولاية ككل وذلك بتجميع كل إيرادات المحلية فيه ثم توزع على الجميع بحسب الأولويات لكن من خلال نسب تقسيماته يمكن القول بملء الفم إن هذا المقترح ظاهره الخير وباطنه الشر.
# لأن نتائجه الواضحة وبيان بالعمل ازدياد محلياتهم غني على غناها بينما محلية بربر تزداد فقرًا على فقرها فلو كانت كل هذه الإيرادات توزع بالسوية كما كان يصنع بما يوضع في ثوب الأشعريين لما غضب أحد لكن أن ينتهج في القسمة كما يلمس من مشروعات كبيرة ومتقدمة ومتطورة في محليات أخرى بينما محلية بربر تعاني وتتأخر كل يوم في كافة خدماتها كما أسلفنا فتلك قسمة ضيزى.
# فهذا الواقع المجحف لتوزيع إيرادات الصندوق لمحلية بربر عمومًا والمدينة خصوصًا للأسف كأنما نحن في المدينة وأريافها نملك من بقرة صندوق دعم المحليات رأسها فنطعمه ونسقيه مع تحمل الإمساك بأضرار قرونها بينما بعض المحليات الأخرى المستفيدة منه بصورة أكبر وفعليًا هي التي تملك ضرعه وليس عليها إلا أن تحلب وتشرب هنيئًا مريئًا ولا تكتفي بذلك، بل بين كل شربة مشروع وأخرى تخرج لسانها على سبيل الإغاظة والسخرية.
# هذا الحال المقلوب يماثل الطرفة المرة بشراكة رجلين في بقرة بذات الطريقة السابقة بأن خدع أحدهما الآخر بأنه يملك الرأس ومسؤول عنه بينما هو يملك الضرع وعندما تضرر صاحب الرأس كثيرًا من تعبه الذي بلا فائدة بينما شريكه ينعم باللبن اقترح له أحد أصدقائه لحل المشكلة بأنه طالما يملك الرأس فليتصرف بقطعه هنا جزع الطرف المخادع ومكرهاً وافق على قسمة اللبن بالتساوي نخشى أن يأتي يومًا ونتوقف عن إطعامه وسقايته أو نطالب بالحل القاطع (قطع الرأس).
# لأنه كما أشرنا فإن صندوق دعم المحليات وبحسب ما يبدو من الحجم الكبير وسرعة التنفيذ لأعماله في محلية واحدة أو بالأكثر محليتين، بينما بقية المحليات الأخرى وحتى (صاحبة الجلد والرأس والضرع) تنتظر وفي صف مشاريع طويلة ما تجود به قيادات هاتين المحليتين من فتات موائدهم الساقطة سهوًا أو اضطرارًا تحت ادعاء مراعاة المساواة.
# إذا كان من المفترض وقبل موافقة الجهات الممثلة للمدينة على هذا الصندوق كان يجب عليها مراعاة منح صاحبة هذه الإيرادات الكبيرة نصيب يرضيها وبنسب مقدرة تفي بمتطلبات مشاريعها الملحة والعاجلة على الأقل مع كامل التأكيد على أننا ضد مقولة (الزيت لو ما كفى أهل البيت حرام على الجيران) لكنا ضد أن يخدعونا ويأخذونه كله منا عنوة، بل يحرمونه ويستكثرونه علينا ويستحلونه لأنفسهم.
# مع أنه وإلى يوم الناس هذا، فالمدينة لها شكاوى كثيرة ومتواصلة بلا انقطاع من عدم توفر الكهرباء في جيوبها ناهيك عن كثير من قراها التي تعتبر جيوبًا بأكملها كما أن كثير من مواسيرها تظل صائمة طيلة النهار وجزء كبير من الليل وحتى السحور من جرعة ماء ، وأيضًا مستشفاها الجميل يشكو من قلة، بل بالأصح من شبه انعدام كوادر الاختصاصيين المستقرة ليتعالج مواطنوها في المدن وحتى القرى المجاورة البعيدة وفي هذا الجانب فقائمة المرائر والعلاقم تطول وتطول ولا نطول علاجها.
# لأن كل مشاريع التنمية كثيرًا ما تتجاوزنا أو يتم تأجيلها بحجج واهية، أو إذا وصلت تصل في سرعة بطيئة تسابقها فيها السلحفاة هذا إن لم تتعطل في منتصف الطريق بأن تحول لصالح مدن ومناطق أخرى ومثل هذه السياسات الظالمة والمقصودة تشير إلى تأكيدات الظنون والهواجس من أن هذه المدينة سوف تدفن قريبًا تحت الماء.
# أخيرًا فلنعترف بأن هذه المدينة والمحلية مظلومة أولًا وأخيرًا من قبل أبنائها فكيف يطيب لهم السكون والسكوت، وأعني بالتحديد من يمثلونها وقتها أو الآن في المؤسسات الولائية ،إذ يجب عليهم المدافعة والمقاتلة عن حقوقها ولا يرضون بهذا الضيم البين فإذا كانوا لا يعلمونه فهذه مصيبة وإن كانوا يتجاهلونه بمقابل مصالح خاصة فتلك مصيبة أعظم وللأسف والحال هكذا ففي (الحالتين هي الضائعة) كما أنهم لا يمثلونها، بل يمثلون بها..
والله من وراء القصد.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.

أرشيف الكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!