(ارجتنا) ما في

بسم الله الرحمن الرحيم
جدير بالذكر
د. معتز صديق الحسن
Mutsdal55@gmail.com

(ارجتنا) ما في

# طرفة طرفها الوالد -عليه من الله تعالى سحائب الرحمة والمغفرة والرضوان- عند افتتاحه لدكان صغير بالقرب من مؤسسة جامعية تختص أغلب بضاعته بما يلزم الطلاب من الأدوات التعليمية إضافة لحاجياتهم الأساسية من السلع الضرورية فقط مع عزم من حديد منه بألا يبيع فيه -لهم أو لغيرهم- السجائر والصعوط ليقينه بحرمتهما وحرمة مالهما.
# أحد العاملين بتلك المؤسسة الجامعية المجاورة له جاءه على ثلاث مرات متتالية موفدًا من قبل بعض موظفيها مرة لشراء سجائر وأخرى لصعوط وأخيرة للبن بودرة فيسأله في كل مرة يا حاج عندك كذا؟ فكانت الإجابة واحدة وكقاسم مشترك في جميعها (لا والله مافي).
# مشوار الدكان البعيد على العامل لإعاقة في رجليه-شفاه الله منها- إلى جانب وصوله بآخر نفس ولا يجد ما يريده فما كان منه إلا عقب هذه (اللاءات الثلاث) أن بادره -مستاءً ومتهكمًا ومتعجبًا في آن واحد- بالسؤال إنت وقت ديل كلهن ما عندك طيب فاتح ليه؟! فكان رد الوالد -دون تلفت للكلام أو تلعثم فيه- (فاتح عشان أقول ليك ما في).
# إجابة الوالد على بساطتها وحكمتها وظرافتها تعني أنه ليس شرطًا أن تجد بضاعتك عندي خاصة إذا كانت تدخل في دائرك المحرمات عنده من سجائر وصعوط طبعًا إذا استثنينا هنا لبن البودرة كما أن عدم وجود ما تريده ليس سببًا كافيًا يبرر لك أنت إصدار الأوامر ويوجب عليه هو إغلاق هذا الدكان.
# استحضرت عبارة طرفته تلك (عشان أقول ليك ما في) وذلك أثناء التجول في الأسواق لشراء أية سلعة كانت وملاحظة الغلاء الذي ليس بثابت في كل يوم أو نصفه حتى (صباحًا أو مساءً) وذلك بزيادة الأسعار وبنسب كبيرة وشكاية معظم المواطنين منها وعدم القدرة على الشراء مما يؤكد بطريقة غير مباشرة التجسيد للعبارة مبنًى ومعنًى
# كذلك المناظر المؤلمة لكثيرين وهم وقوف وحياء الحوجة والاحتياج (سيماهم في وجوههم) عند عتبات الدكاكين لشراء لبن أو دقيق أو زيت (حيث لم يعد زيتنا في دقيقنا) لأنهم يحملون في أيديهم سعر الامس ليتفاجأوا بفوارق زيادات كبيرة وجديدة فيكتفوا بشراء الأقل مما يريدون أو يولون الأدبار هروبًا قبل مشاهدة الناس لدموعهم (الآيلة للسقوط) من أعينهم.
# أيضًا المتداول من الأحاديث عبر مجموعات التواصل الإجتماعي لمشاهد صادمة ومخيفة في كثير من الصيدليات وذلك بترك الكثيرين لأدوية كانوا يريدونها على تربيزة الصيدلاني بعد سماعهم لأسعارها التي ليست في استطاعتهم بينما هم في أمس الحاجة إليها فكل هذا يعني أنها ما في ومعدومة وإن كانت موجودة وازاء هذه المواقف المخزية لا أدرى لماذا ترآى أمام عيني وقتها وبدون مقدمات دعاء أهلنا الكبار (يا رب أستر الفقر بالعافية).
# إذن هذه البضائع المتوفرة وعدم القدرة على شرائها أيضًا تذكر بمقولتنا العامية المتناقضة التي نرددها عند الزيارة لشخص في منزله أو مكان عمله ولكنا لا نجده فعند حكايتنا ذلك لشخص آخر نقول (ذهبت لفلان وارجاني ما في) أو له شخصيًا عند مقابلته لاحقًا (جيتك وارجيتني ما في).
# فهذه العبارة المتناقضة (ارجيتني وفي نفس الوقت ما في) هي بالضبط ما ينطبق على السلع المتوفرة والغالية في أسواقنا أو أفراننا أو صيدلياتنا أو مواصلاتنا أو… أو… مما يعني أنها (أرجتنا ما في) فمتى بالله عليكم تكون في متناول أيدي الجميع -بحق وحقيقة- و(ترجانا في) متى؟!!!.
هذا والله المستعان. سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.

2 thoughts on “(ارجتنا) ما في

    1. تكرم في الدارين أخي العزيز أ. صابر
      وربنا يرحم موتانا وموتاكم ويسكنهم الفردوس الأعلى من الجنة

      وتقبل تحياتي وتقديري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!