امنح تفرح .. امنع تفزع

بسم الله الرحمن الرحيم
جدير بالذكر
د. معتز صديق الحسن
mutsdal55@gmail.com

امنح تفرح .. امنع تفزع

# السمة البارزة في غالب التعاملات والمعاملات ما بين الناس أنها صارت تقوم على التسابق بسرعة جنونية تتجاوز كل الإشارات الحمراء نحو المصالح الخاصة على حساب المصالح العامة.
# قليلون جدًا وممن يحسبون على أصابع اليد الواحدة يعملون بخلاف قاعدة صارت ثابتة ومن المسلّمات ألا وهي: (المصلحة الخاصة أولًا) لذا يعتبروا في حكم الشاذ مجتمعيًا الذي لا حكم له هذا إن لم يتهموا بأنهم أقرب للجنون من العقل.
# الغريب -وبلا نعت لهم بالمجانين- إن الساعين لتحقيق مصالحهم إن تعطلت لأي سبب من الأسباب يبذلون كل ما بوسعهم لإلحاق الضرر بالأخرين أيًا كانوا أقرباء أو غرباء إيمانًا منهم وتطبيقًا لمقولة الإضرار الجماعي (عليّ وعلى أعدائي).
# بناءً عليه فلا ثمة عجب للغياب شبه التام لفضائل السعي بالنفس والمال والجهد والوقت من أجل تقديم أخر يستحق تقديمه في الصفوف الأمامية لأن الجل يريد الناس من خلفه ولا تستطيع إمساكه أو شده من ظهر إزاره ناهيك من أن تشد من أزره.
# فليت هذه المسارعة لو أنها كانت تقدم خير المجموع الواسع على حساب مصلحة الأفراد الضيّقة لأن ما يصيب المجتمع من خير يصيب -بأي حال من الأحوال- الأفراد كلهم لكن الحرص على مصلحة الأفراد فقط لن تفيد المجتمع ككل.
# إذًا فلنبذل الخير ولا ننتظر جوازيه وإن ضاع بين الناس فرب الناس يجزيه ولندفع الشر أقصى طاقتنا ولا نمنع قيم المنح من الأموال والأقوال الطيبة خاصة من يقابلون الإحسان بالإساءة فأولئك هم المستحقون حقًا للإيثار والتجاوز والتسامح.
# لأن الإحسان لمن أحسن الينا مكافأة لكنا لن نكافئ الذي يبدأنا بصنع المعروف إلينا ولن نستطيع رد الفضل إليه لأن فضل المبادرة ولو قلّ لا يردها فضل الرد بأحسن منها ولو كثر إلا أن تسأل الله بأن يجزيه خيرًا.
# مما يقودنا للتيقن بأن قيمة السعادة الحقة لا تكن بالأخذ دائمًا وإنما بمد القوالب وود القلوب لإسعاد الأخرين والحب للأخ ما يُحب للنفس لتكون قمة إسعاد النفس ببذل الخير للغير أولًا وما تعطيه يأتيك أضعافًا مضاعفة.
# لكن واهم من ظنها أي السعادة تقوم على حساب تعاسة الأخرين فبلا شك مثل هذه هي غير حقيقية ومؤقتة وزائلة وما يعقبها هو الشقاء والعذاب ولو بعد حين فالسعادة ليس بسادية تتلذذ بتعذيب الأخرين وإنما هي الحب لارضاء وراحة الأخرين.
# فحقًا ما أجمل الضحك والابتسام في الوجوه وإن كنت تخفي معاناة الألآم والأحزان. لا تقولوا هنا فاقد الشيء لا يعطيه فهذه الأشياء الجميلة ليست بكنوز أموال حتى تفقد وإنما كنوز مشاعر تتدفق لكن قليلين ممن يتخيرون أجملها وينفقونها منها -بلا شح مطاع أو هوى متبع أو اعجاب بالنفس- في كل وقت وفي كل مكان.
# كل هذا القول دعوة بعدم اتخاذ الكآبة شعارًا لكن كن جميلًا وإن كنت حزينًا لأنه من وسط إبر النحل نتذوق طعم الشهد ومن بين الفرث والدم يخرج اللبن الخالص السائغ للشاربين ومن قاني دم الغزال نشتم طيب المسك ومن … ومن …
# خاتمة القول من يشح في إنفاق كنوز وجواهر مشاعر الوجدان بلا شك هو أكثر مشاحة في الإنفاق من خزائن الأموال والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة . نسأل الله لنا ولكم أن يرزقنا نعم العطاء وعيش السعداء وأجر الشهداء . آمين يا رب العالمين.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.

2 thoughts on “امنح تفرح .. امنع تفزع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!