ابن أبي سلول الإلكتروني

بسم الله الرحمن الرحيم
جدير بالذكر
د. معتز صديق الحسن
mutsdal55@gmail.com
ابن أبي سلول “الالكتروني”
# استوقفتني صورة “كاريكاتير” في الواتساب ترسم إطارين مختلفين لشخصية واحدة ففي الأول منهما تستقبل الشخصية اتصالًا هاتفيًا فتنظر بكل السخط إلى الشاشة وقبل فتح الخط تردد بصوت عال: (الثقيل دا بيكون داير شنو).
# أما في الاطار الثاني ومع فتح الخط تصيح بكل الرياء: (أوووو حبيبنا) وكان عنوان الكاريكاتير -والذي لا يصلح غيره لوصف الحالة- النفاق “الالكتروني” والمعبر أكثر لصورة للنفاق -كما ينبغي- الرسم للحالتين المتضادتين في إطار واحد لكنه مقسوم لإطارين مختلفين.
# بحيث يظهر الشخص الواحد بوجهين مختلفين وفي كل واحد منهما تجده شخصية مختلفة وبصورة مغايرة تمامًا عن الأخرى أي (مذبذبة لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء) مما يدعو للشفقة والخوف عليها والكره والمقت لفعلها في وقت واحد.
# فهل يمكن القول أنه تم استغلال الانترنت” في العمل على زيادة هذه المساوئ بصورة كبيرة وخاطئة وذلك بنقل إضافي لها فمن البيوت والمكاتب والطرقات …الخ أي من وراء الجدران (الحيطان ليها ودان) إلى ما وراء (شاشات ليها عيون وآذان أيضًا)؟
# مع التنويه إلى حقيقة مهمة جدًا مستندة إلى الحكمة في مقولة: (أن كل إناء بما فيه ينضح)؛ أي أن الأنترنت مجرد وسيلة وإناء ناقل -فقط لا غير- إن ملأته بالخيرات يفيض ويُسعد وإن ملأته بالشرور يغرق ويُشقي.
# لكن للأسف واتساقًا مع ما سبق فقد عملنا على نقل عالمنا الحقيقي بكل مساوئه إلى عوالمنا الافتراضية وما يزيد الطين بلة أنا نقوم بذلك في مرات كثيرة وإزمان متقاربة ومجموعات مختلفة.
# ويتمثل ذلك في ارسال الكثيرين لمقاطع مرئية أو صوتية أو كتابية فاضحة أو تضج وتنضح بالنميمة والغيبة والبهتان والسرقة والكذب والغش و… و… لتكون جميعها جرائم وذنوب الكترونية إن صحت العبارة.
# أما الغريب بل الأغرب الارفاق معها على أعجل ما يكون صيغة الاعتذار المحفوظة عن ظهر قلب (سوري جاتكم بالخطأ) فالاعتذار شيء جميل لكن ما يجعله قبيحًا -بعض الشيء- في أمثال هذه الحالات في حال القراءة الصحيحة لما وراء سطوره.
# بمعنى أن هذه المحرمات التي يقتنع بها ويعمل على نشرها وبثها عند المجموعة التي يقصدها ويعنيها بها فليس فيها شيئًا من الخطأ يوجب الاعتذار عنها بل هي ربما تكون هناك من الهدايا الثمينة التي يحتفى ويحتفل بها أيما احتفاء واحتفال.
# هذا يقودنا إلى أن أمثال هذا لديهم نظام وتعامل مختلف مع كل مجموعة فمجموعة الونسة والفضفضة بملء الوقت بالحرام لوحدها والتي يظهر أمامها بمظاهر التدين والتأدب والاحترام لوحدها ما يعني انتقال رياء “شلليات” الواقع إلى قروبات الخيال.
# وبالرغم من محاولة فصله ما بين مجموع “الشلليات” المتناقضة تلك إلاّ إنه كثيرًا ما يحدث التداخل ما بينها وذلك بسبب رسائل (الشيزوفرينيا) انفصام الشخصية المرسلة منه عن طريق الخطأ وليت الارسال الخطأ يكون عظة له ليقلع عن هذه الرسائل القبيحة.
# إذًا الحرص على عدم ارسال مشينة لمجموعة بعينها كأنما تخشى على سمعتك بينهم أو تستحي منهم لكن ليت المراقبة منك بأن تراقب الله في كل أقوالك وأفعالك مع كل المجموعات وفي كل الأحوال فهو الأحق بأن تخشاه وتستحي منه.
# لأن الله سبحانه وتعالى مطلع عليك ويعلم حركاتك وسكناتك وهو المطلع على كل ما تخفي الصدور سواءً أكنت مع هذه المجموعة أو تلك فانتقل فيها جميعها قدر جهدك والاستطاعة إلى درجة الاحسان (فإن لم تكن تراه فإنه يراك).
# يجدر بنا التنويه إلى إنه مثلًا في “الفيس بوك” حدوث اختراقات حسابات البعض وترسل منها الصور والمقاطع الفاضحة دون علم أصحابها فيتم تنبيههم من الأصدقاء المخلصين لأنهم ما عهدوه هكذا.
# فيصعق من هول المفاجأة الصادمة من هول ما يرى فيرسل الاعتذار بأن ما يتم ارساله من صور خادشة للحياء يتم بواسطة “الهاكرز” (القراصنة) فبلا شك هذه تختلف عن تلك فهي ليست من كسبه فهذا (شر تنفقه يسار القراصنة ولا تعلم به يمينه).
# ختامًا نسأل الله أن يصلح الحال والهداية لنا ولغيرنا وأن يجنبنا النفاق ما ظهر منه وما بطن ويباعد بيننا وبين شر فتنته وشر نقله من العالم الحقيقي إلى العوالم الافتراضية أو العكس سواءً أكان ذلك بقصد منا أو بغير قصد. آمين يا رب العالمين.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.