دعــوهــا فإنـهـا منتـنـة

بسم الله الرحمن الرحيم
جدير بالذكر
د. معتز صديق الحسن
Mutsdal55@gmail.com
دعــوهــا فإنـهـا منتـنـة
(ما يؤلم الشجرة حقاً ليست ضربة الفأس بل لأن يد الفأس من خشبها).
# بقدر ما تفشت العصبية للقبلية، والأقرباء، والمناطق، وحتى المدن ووصولها لعدد كبير من معاملاتنا وتعاملاتنا غير الرسمية؛ إلا أنه لم يدر بخلدنا أنه سوف تنتقل، أو أن تصل لإدارات العمل، والمكاتب بالمؤسسات، والمشروعات الكبيرة ذات الطابع الرسمي والتي تهم الدولة ككل؛ فليتها تكون العصبية هنا للكفاءة، والحنكة، والحكمة، والقيادة الراشدة.
# هذا الكلام لا نطلقه على عواهنه؛ فبحسب المعلومات المتوفرة عن عدد من هذه المشروعات الكبيرة، والمهمة في المنطقة؛ أنه عندما يتم تغيير أحد مديريها فمن يأتي بعده من أي منطقة كانت وغريب على أهل المنطقة التي توجد فيها هذه (المشاريع) أول إنجاز يحسب له بقامة الإعجاز؛ أن يفصل أهل المنطقة من الوظائف المهمة، وغير المهمة ويأتي بأهل بيته، وأقربائه، وأصحابه، وأبناء مدينته، وأبناء ولايته و… و…
# فلم يتم طرد أهل المنطقة المقام فيها المشروع (أهل الجلد والرأس) وهم بحسابات الربح، والخسارة وبحسبة بسيطة هم أقل تكلفة بالنسبة للمشروع، ولا مجال لمقارنتهم مع من يؤتي بهم من مناطق بعيدة، فهم أكثر تكلفة وهذا لا يعني رفض الأخرين في أية منطقة أخرى كانت؛ بل بالعكس وجودهم يُعد من ممسكات وحدة المجتمع لا تفرقه وتشرذمه. على أن يكون الضابط الكبير لعلاقات العمل بصورة عامة أنه؛ ليس ذنباً ألا تكون لدي أية علاقة قرابة، أو قبيلة، أو لون، أو سكن مع أحد كبار المسؤولين.
# بل إن استمر الحال على هو عليه من تردٍ لرفض الآخر؛ فإنه يولد غبنًا اجتماعيًا في كل مناطق السودان تجاه بعضها البعض سواءً أردنا ذلك أو لم نرده. وبلا شك نحن لسنا في حاجة للمزيد منه؛ أي الغبن الاجتماعي وهذه لا تحتاج منا لتفسير أكثر؛ فتفسير المفسر فقد يضيع المعني الواضح. إذن دعوها فإنها منتنة، وبدأت حصائد نتانتها في فشل تلك المشاريع، وترديها للأسوأ من حيث الانتاج؛ وقبله الأدهى، والأمر؛ بل والخسارة الأكبر ارتفاع اصوات التذمر؛ بنذر سوء العلاقات، وترديها بين الأفراد، والمدن، والولايات.
# فكيف صارت تحكم علاقتنا كأبناء وطن واحد؛ المقولة الذائعة الصيت، والسيئة السمعة: (أنا وأخي على إبن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب) قياسًا عليها وللأسف وفي الانحياز الواضح للمناطق؛ الذي لا يمكن تبريره بأي حال من الأحوال: صرنا نؤمن بأنه (أنا وابن حيي على إبن مدينتي، وأنا وابن مدينتي على إبن المدينة الغريبة)؛ وإن كانت قريبة، ومجاورة ناهيك من أن تكون بعيدة).
# وبالإضافة إلى كل ما سبق ننوه؛ إلى أنه متى يظل المواطنون التي توجد في مناطقهم هذه المشروعات يعانون الأمرين. فهذه المشروعات الزراعية، وخاصة الصناعية منها -والمرفوضة من بلاد أوربا وجاءتنا منها كنفايات- تعمل على نشر الأمراض؛ لأنها لا تراعي أبجديات العمل لسلامة البيئة الخارجية المحيطة، ولا ثمة إبداء أية محاولة جادة منها؛ لمعالجة هذه الأوضاع الخاطئة في وقت قريب، أو بعيد.
# إل جانب كل هذه المساوئ المجتمعية؛ فالمسؤولون الحكوميون يجأرون بمر الشكوى من ضعف مساهماتها الخدمية. كما جاء على لسان أحد المعتمدين: (أن ما تقدمه كل هذه المؤسسات مجتمعة والعملاقة انتاجًا، وأرباحًا من دعم مادي للخدمات الاجتماعية لا يتجاوز 3%؛ فيما المتوقع منها، والواجب، وأضعف الايمان؛ أن يصل على الأقل إلى 10% للفقر الكبير في خدمات المنطقة).
# لكن فجزاء أهل هذه المناطق المعمورة بالمصانع، والمشروعات الخراب، والدمار بالعطالة؛ بعدم استيعابهم بداية، أو طردهم لاحقًا من العمل، والأمراض التي وصلت بهم، وستظل تصل بهم؛ ما لم تبدأ بصورة عاجلة المعالجات؛ لتصحيح الأوضاع الصحية؛ إلي درجة جزاء سنمار (القتل). هذا إن لم يكونوا وصلوا اليها بالفعل. علي كل فحصاد الواقع فيها ومحصلته أشبه ما يكون (ببئر معطلة، وقصر مشيد). والله نسأله الإعانة بدءًا وختمًا. اللهم آمين يارب العالمين.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.