الأستاذ توفيق محيي الدين وكتابه: بربر التي أحببت

بسم الله الرحمن الرحيم
جدير بالذكر
د. معتز صديق الحسن
Mutsdal55@gmail.com
الأستاذ توفيق محيي الدين وكتابه: بربر التي أحببت
# من محاسن صدف منتصف الأسبوع قبل الفائت كان الرجوع بالذاكرة والجسد معًا لأكثر من ثلاثين عامًا وذلك بالجلوس في حضرة أستاذ التاريخ بمدرسة بربر الثانوية الأستاذ توفيق محيي الدين ذلكم السوداني “الحلفاوي” النبيل والجميل بكلتا النكهتين فهو “الحلفاوي” بنكهة “بربراوية” و”البربراوي” بنكهة “حلفاوية”.
# بكل الصدق فكأنما كنا جلوسًا في فصول بربر الثانوية -وعلى رؤوسنا الطير- وإن اختلف الزمان والمكان أي وإن كنا بمكتبة بربر العامة لكن كأننا في حصصه لمادتي التاريخ بالصفين الأول “علي” والثاني “مجذوب” لنفارقه وفي النفس شيء من حتى وحسرة عند التوجه للصف الثالث العلمي “حيّان”.
# وذلك لأن الأستاذ ابن الأستاذ محيي الدين والذي وبلا مبالغة فإن العلميين يحبونه أكثر من الأدبيين ويذكر جميعهم كيف أنه في حصته للتاريخ وبصوته الجهوري الجاذب لا يترك لك فرصة لعدم الانتباه كما أن أساليب تدريسه الشيقة والرشيقة تطوّف بطلابه عبر دهاليز أحداث ووقائع ومعارك التاريخ وكأنهم يشاهدونها رأي العين.
# وشرفًا وفخرًا وعبر الأستاذ توفيق نرسل التحايا الطيبات لأساتذتنا الأجلاء ببربر الثانوية أطال الله أعمار الأحياء منهم بأعمال صالحة ومتقبلة كما نسأل الله الرحمة والمغفرة والجنة لمن انتقل منهم من دار الفناء إلى دار البقاء ونبدأ بمدير المدرسة عجيب عبد الله (التاريخ) والوكيل عبد الله سليمان (الأحياء) وتمتد التحايا لكل شعبها المختلفة.
# ونذكرهم بالخير كله بدءًا بأساتذة شعب المواد العلمية (الأحياء -الفيزياء-الكيمياء) الأساتذة شمس الدين إبراهيم وحمزة الجيلي وأزهري المبارك أما في شعبة المواد الأدبية (التاريخ- الجغرافيا) فإلى جانب الأستاذ توفيق الأساتذة ميرغني الدغري وحسن مصطفى و “الطاشابي” وعادل عبد الكريم وفخر الدين وقسم السيد الحمودي وعثمان عبد القادر.
# وحال انتقلنا لأساتذة شعب المواد المشتركة (الرياضيات) د. عوض فرج الله وبكري المدني وسعد الدين الرشيد وصلاح البشيري وحسن الإمام والحاج المبشر وأحمد خلف الله وفي (التربية الإسلامية) الأساتذة سراج سلامة وعمر صديق ومحمد الأمين الريشابي وعبد المجيد السيد وأحمد الحاج وخالد شبرين والجيلي حمزة.
# أما أساتذة (اللغة العربية) إدريس إبراهيم وإبراهيم بنيامين والمُنى محمد وكمال وفي (اللغة الإنجليزية) الأساتذة أبوبكر المجذوب وعلي مصطفى وعادل الحاج وفي شعبة (الفنون) الأستاذ عادل السنوسي ويمتد الشرف والافتخار بكل أساتذتنا في المراحل الدراسية المختلفة الابتدائية والمتوسطة والجامعية وفوق الجامعية.
# وما أعاد الشريط الراسخ للذكريات السابقة لأساتذة المرحلة الثانوية عامة والأستاذ توفيق خاصة لقاءنا بالأخير في إحدى فعاليات قسم الآثار بكلية الآداب جامعة وادي النيل وأثناء إقامة القسم لمحاضرات بالتعاون مع المركز الإقليمي للآثار بولاية نهر النيل والمتناولة للتعريف بآثار بربر وكيفية المحافظة عليها.
# للأمانة فقد كانت كل المداخلات والتعقيبات من قبل الأستاذ توفيق تمثل بلا شك إضافة علمية ثرة لتلك المحاضرات لأنه إذا تحدث عن بربر تاريخيًا أو حاضرًا أو كيف يفترض تبدو مستقبلًا فهو يتحدث بلسان العالم العارف بكل مجالاتها سواءً الدينية أو السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية أو الاجتماعية أو… أو…
# ولا غرابة في ما سبق فهو المُلم بكل تفاصيلها في كل تلك المجالات السابقة والمرجع والخبير لفك شفرة أسرار علاقاتها المتشابكة والمتقاطعة أكثر من أهل بربر أنفسهم ودومًا إذا ما اختلفوا في أي شأن يخصهم فإن فتوى الفصل لخلافاتهم تقبل منه هو وترفض من غيره وإن كان بربراويًا خالصًا وصرفًا.
# أيضًا وكما فهمنا وبفخرٍ كبيرٍ من الأساتذة أنفسهم والمقدّمين لتلك المحاضرات بأنه دومًا وأولى وصاياهم لطلابهم عند إعدادهم لرسائل تعليمهم فوق الجامعي (ماجستير-دكتوراه) وفي حال أنها تتطلب شد الرحال لبربر فإنهم يوصونهم بأن يقصدوا فيها أولًا الأستاذ توفيق وذلك لإثراء رسائلهم بحقائق علمية موثوقة كاشفة للغموض ومزيلة للإلباس.
# لكن وآهـٍ من لكن هذه وفي أثناء حديثه الجامع الماتع والمعقب لما دار في تلك المحاضرات أبان أنه قد قام قبل فترة بجمع كل تاريخ بربر في كتاب أسماه (بربر التي أحببت) ولكنه لم يتمكن من طباعته حتى اللحظة وسريعًا مرّ على هذه الكلمة كأنه لا يريد أن يُفهم بأن هناك إهمالًا له من بربر سواءً من الأفراد أو الجهات أو المؤسسات العامة والخاصة بها.
# إذًا وبناءً على كل ما سبق فإن الغرض من كتابة المقال صراحةً لا تلميحًا يستهدف تكريم الأستاذ توفيق ورد جزء يسير من ديونه الكبيرة والكثيرة على بربر بطباعة كتابه (بربر التي أحببت) والذي من عنوانه فقط يكفينا بل يستحق التسابق لطباعته لنقول له إن بربر أيضًا تحبه وتحترمه وتقدّره بأكثر مما يحبها ويحترمها ويقدّرها.
# وليتسابق الجميع لنيل هذا الشرف الكبير بدءًا بالحكومة التنفيذية للمحلية وإداراتها المهتمة بالتاريخ والآثار وبتنسيقها مع الأقسام المتخصصة (التاريخ والآثار) بجامعة وادي النيل فحقًا يكفي التغافل والتجاهل والتأجيل للقيام بهذه الأدوار المهمة ولتكن مع تلك الجهات الرسمية مشاركةً الجهات الشعبية.
# وفي ما يلي الجهات الشعبية نقول لها إذا لم تستطع القيام بطباعة كتابة هذا إلا بفرض “أوتاوات” رسوم مالية على كل بيوت المحلية كل بحسب استطاعته فإنهم سيدفعون بكل الحب لتغطية طباعة هذا الكتاب ولن يتأخر منهم بيت واحد وذلك حتى يزينوا به أرفف مكتباتهم الخاصة قبل أرفف المكتبات السودانية.
# كذلك يمكن أن يحظى بهذا الشرف الكبير ابناء المحلية من رجال المال والأعمال والمغتربين سواءً كانوا أفرادًا أو جماعات واضعين في بالهم إن لم تصلهم الأيادي البيضاء من الأستاذ مباشرة فمن المؤكد أنه قدم لإخوانهم وابنائهم بل الأكثر تأكيدًا أنه قد قدّم لمحليتهم وهذه وحدها تكفي بل تزيد.
# بل من الممكن أيضًا أن يبادر طلابه أنفسهم عارفو فضله -عن قرب- وأيا كانت مواقعهم وأعمالهم أو بالإمكان الأفضل أن تساهم كل الجهات المذكورة آنفًا مجتمعة لطباعة أي كُتب قام بتأليفها مع كتابه (بربر التي احببت) ولكن لم يحالفها الحظ لمعانقة أعين القراء وأرفف المكتبات السودانية والعربية والعالمية.
# فالرجل قامة وقيمة ومنارة علمية سودانية و”بربراوية” سامقة تستحق وديونه -كما أسلفنا- على بربر كبيرة وإن تأخر أهلها كثيرًا عن شكره ولم يكرموه تكريمًا يليق بحبه وإخلاصه لها وكذلك تكريمًا يماثل إخلاص ومحبة بربر له فليتهم وبأضعف الإيمان يكرّمون أنفسهم ولو بطباعة مؤلفه هذا فقط (بربر التي أحببت).
# فالأستاذ توفيق هو من قدّم كثيرًا من صنائع المعروف لبربر وبالتالي مهما حاول أهل بربر مكافأته فلن يستطيعوا مهما فعلوا له؛ لكن فلتكن منهم محاولة لنيل أجر الاجتهاد وأن يوم شكره قد جاء ولن يؤخروه بعد الآن لوقتٍ لاحقٍ مع خالص الدعوات لأستاذنا بالعمر المديد في طاعة الله والتوفيق لصالح الأعمال المتقبلة. آمين يارب العالمين.
هذا وبالله التوفيق.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.