قطـاع طـرق .. آخـر زمـن

بسم الله الرحمن الرحيم
جدير بالذكر
د. معتز صديق الحسن
mutsdal55@gmail.com

قطـاع طـرق .. آخـر زمـن

# تنتشر في القرى أكثر من المدن ظاهرة الجلوس في الطرقات والتي ذهبت الآن إلى الأبعد وذلك بالمكوث و”السكن” في الطرقات من قبل شروق الشمس وإلى ما بعد غروبها من قبل مجموعات رجال راتبة -وبحرص كبير- وكأنما هم في دوريات عمل رسمية يتقاضون عليها أجور “المرتبات”.
# وبما أنها مجالسهم وما منها بد وخاصة لكبار السن منهم لكنهم لا يؤدون حقوق الطريق كاملة من رد للسلام وغض للبصر وكف للأذى واماطته وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر ففي الأولى قد يردون السلام أما في الثانية فهم يصوبون أبصارهم لكل العورات خاصة النساء يتفحصونها علوًا وهبوطًا أما في الثالثة والأخيرة فلا كف لأذى ألسنتهم ولا عيونهم وأحيانًا ولا أذى أيديهم فيأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف.
# المؤكد إن ظلت سائرة على هذا الطريق غير المستقيم والنهج غير القويم فهي لا تكسب بل هي تخسر أكبر الخسارات نتيجة هذه الممارسات السيئة التي لا تتواصى عليها بالحق والصبر وإنما -عياذًا بالله- والحال هكذا فهي تتواصى عليها بالباطل والصبر عليه.
# لأن الغالب في هذه التجمعات السخرية والهمز واللمز والنميمة والغيبة وفيهن جميعًا ما تتوصل اليه للأسف طابع العجلة والتسرع فسابقًا كانت الناس تستحي وتتلفت من ارتكاب هذه الموبقات أمامك أو خلفك أما الأن فلا تتجاوز خطوات وبإمكانك سماعهم ويبدأون في التعليق والتشريح في سيرتك بكل اطمئنان وغبطة.
# أحسب أنهم لا يتركون الشخص المار حديثًا ولا يتنازلون عن الخوض والولغ في تفاصيله -التي يكمن فيها الشيطان- وأكل لحمه الميت إلا بقدوم أخر جديد أو بالأدق لحم ميت جديد (طازج) أو استعراض مضغ لحم حي جديد بقدوم امرأة وهكذا دواليك فمثل هؤلاء لا يسلمون من بعضهم بعضًا في حال تفرقهم وقيامهم واحدًا واحدًا تلو الآخر.
# كل الغرابة أنه كيف صار غالب الناس إلا من رحم ربي “تفرّق” وتروّح عن نفسها بكسب المزيد من السيئات وخسران الحسنات وهي (ضاحكة مستبشرة) -في هذه الدنيا لا الأخرة- وبلا شك سيكون الحصاد خزي وندامة في حال استحباب الاستمرار -بلا توبة- في حب هذا العمل السيء الباطل وبالمقابل له كره العمل الحسن الحق.
# لأن هذه المجالس تطورت كثيرًا فصارت بعضها تعرش بالظلال نهارًا وتضاء بالأنوار ليلًا ويؤتى لها بالأرائك والكراسي و”الفرشات” الأرضية وقد يؤتى فيها بالماء البارد والشاي والقهوة فما يبذل فيها والاستعداد لها بالإمكانيات لا يجعلها حلالًا وإن كان الدوافع البريئة تزجية الوقت فلا بارك الله في أوقات تملأ ويستثمر فيها بالحرام.
# الملاحظ أن هذه الظواهر السيئة وبتجمعاتها المختلفة كانت حكرًا على تجمعات النساء بصورة أكبر ومتى ما ذكرت النساء وإلا كانت الاشارة إليهن حصريًا بارتكابهن لأمثال هذه السيئات -عافى الله منها الجميع- لكن الآن أحرز فيها الرجال تفوقًا كبيرًا وتقدموا عليهن تقدم من لا يخشى الفقر من الحسنات والغنى من الذنوب.
# بقيت الاشارة إلى ما هو أدهى وأمّر انتقال هذه التجمعات من الطرقات وبكل مساوئها –آنفة الذكر- إلى مكاتب العمل الرسمية ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها بل وصلت إلى مكان لا يخطر على البال أماكن انتظار الصلاة والرباط وكسب الحسنات إذ وصلت إلى بيوت الله “المساجد”.
# ليتحول الانتظار هنا من قبل البعض إلى كسب للسيئات التي هي بلا شك مضاعفة لحرمة المكان وذلك لقوله تعالى : (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها أسمه يسبح له فيها بالغدو والاصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وايتاء الزكاة يخافون يومًا تتقلب فيه القلوب والأبصار) النور (36 – 37) لا أن يذكر الأخرين بالنميمة والغيبة والاستهزاء و… و…
# عمومًا ليس قطاع الطرق فقط الذين ينهبون ويخيفون ويزهقون الأنفس فهؤلاء يرفعون السلاح نهارًا جهارًا وتحاربهم الدولة على أعلى مستوياتها فمثلهم كذلك الجالسون على الطرقات والمتجاوزون لحقوقها فهم قطاع طرق لأنهم يستبيحون الأعراض ويؤذون الأنفس ببهتانها وفضحها بعدم سترها والتستر عليها وخطورتهم أنهم يعملون بالخفاء ويرفعون أسلحة كاتمة الصوت تعيث في المجتمع إمراضًا ومرضًا وافسادًا وفسادًا تصعب جميعها مداواتها وعلاجها ومكافحتها. أصلح الله حال الجميع. آمين يا رب العالمين.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!