جلب (المفــاســـــــد) ودرء (المصــالــح

0
جلب (المفــاســـــــد) ودرء (المصــالــح

بسم الله الرحمن الرحيم
جدير بالذكر
د. معتز صديق الحسن
Mutsdal55@gmail.com

جلب (المفــاســـــــد) ودرء (المصــالــح)

# أين ما أرجعت بصرك (كرّتين)، في كل (سماوات) شؤوننا الحياتية المختلفة؛ (السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والتعليمية، و… و ….) التي من حولنا؛ لتتبين أفيها شبهة من فسادٍ؟! فلن (ينقلب اليك) بصرك (خاسئًا)، ولا (هو حسير).
# بل سوف تراها -بلا استثناء- مليئة بــــ(انشقاق)، و(فُطُور) الافساد، والمفسدة؛ حيث تبدلت قاعدة الفقه الذهبية؛ المقدمة (أولوية) درء المفاسد على جلب المصالح؛ إلى قاعدة (الجهل) القائمة على ذهاب الأخلاق؛ بجلب المفاسد (أولًا)، ودرء المصالح (دائمًا).
# بدون مبالغة -على أصابع اليد الواحدة- صار بالإمكان (حساب) الأماكن؛ التي لم تصلها هذه الأفة المهلكة. فاختلت المعايير، والموازين؛ لدرجة أن من لم يرتكب، أو يقترب، أو تحوم من حوله هذه الشبهة؛ فقد يطاله إتهام؛ -هذا- ربما لفسادٍ، وعيبٍ فيه.
# ليكون الحُكم السائد الآن؛ من لم يكن فاسدًا فهو (الفاسد)، وسوقه كاسد، وتجارته (بائرة)؛ لأنه صار يُفهم، ويُحكم -بــ(المقلوب)- فمثلًا قيم الاخلاق الفاضلة؛ ودعوات الاصلاح (منتهية الصلاحية)، وخاسرة، وغير رائجة، (من الآخر) هي (لا تسمن، ولا تغني من جوع).
# لترجح الموازين (الخفيفة) للمستثمرين (المطففين) والويل لهم؛ وهم (يستوفون) إذا اكتالوا من أعمال الدنيا الفانية، ويُخسرون إذا كالوا من أعمال الآخرة الباقية. (فما لكم كيف تحكمون). (ما عندكم ينفد وما عند الله باق). واليوم عمل، ولا حساب. وغدًا حساب، ولا عمل.
# وجراء التبديل للقيّم القيّمة بأخرى لا قيّمة لها فلا غرابة منح المدعيين، وحرمان المستحقين، واطعام (الشبعانين)، وحرمان الجياع، وإعطاء الأغنياء، ومنع الفقراء، و تولية العاجزين، وابعاد القادرين، و… و….
# ومع هذه الصور المقلوبة التي يرونها (معدولة)؛ فلا تغرنّك الكثرة، و لا تحقّرن القلة، فكثرة الملتفين حول الباطل لا تجعله حقًا، فهم غثاء كغثاء السيل (يذهب زبده جفاء)، كما أن قلة أتباع الحق لا تجعله باطلًا (وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض)؛ فإن كان واحدًا مع الحق فهو الجماعة.
# إذًا تماشيًا -مع كل ما سبق- تأتى هذه الكلمات في إطار النصح، والمناصحة، والدعوة، بالخروج من صمت النفس ومجاهدتها (الجهاد الأكبر)؛ تغييرًا للمنكر ولو (بقلم) اللسان (المكتوب)؛ لأنه كما جاء عن السلف الصالح : (الساكت عن الحق شيطان أخرس).
# وجملة القول: (الظهور للفساد بهذه الصورة (المستشرية)؛ فبما كسبت أيدينا)؛ مصداقًا لقول الله تعالى: ( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدى الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون).
# فمتى نتغير للأحسن؛ ليغير الله ما بنا من (فساد) ساد، واستأسد واستوطن؛ وانتشرت رائحته (الكريهة)؛ حتى أزكمت أنوف (نتانة العفن). فمتى، وحتام نبدأ (التغيير). وصية أخيرة: (فليبدأ كل واحد منا بنفسه، وكفى بها -إذا صدقت- رقيبًا). والله من وراء القصد.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!