مكتبة بربر الوطنية .. حقًا وقبل العلم أخلاقًا

0
مكتبة بربر الوطنية .. حقًا وقبل العلم أخلاقًا

بسم الله الرحمن الرحيم
جدير بالذكر
د. معتز صديق الحسن
mutazsd@hotmail.com

مكتبة بربر الوطنية .. حقًا وقبل العلم أخلاقًا

# تظل مكتبة بربر الوطنية ومنذ بداية التأسيس وحتى يومنا هذا تؤدي أدوارًا مؤثرة وملموسة سواءً كان على مستوى مدينة بربر نفسها أو على طول امتداد ريفها الشرقي من كنور وإلى أرتولي ومبيريكة أو الغربي من الفحلاب وإلى الباوقة وفتوار والجول وذلك بمستوى واحد حيث أنها تقدم خدمات كبيرة في كافة المجالات الثقافية والتعليمية والاجتماعية و… و… وهي تقدم كل ذلك بلا من أو اذى.
# لأنك تجد فيها الأخوين السر وحسن بريمة وبأيهما التقيتم اهتديتم واكتفيتم فكل طالب خدمة يفهمانه قبل أن يسألهما حاجته ومن ثم يمنحانه ما يريد فمن يريد شراء صحف أو أية أدوات مكتبية بحقها يعطيانه ومن يريد استدانتها يمنحانه ومن يريد أن يدخل معهما داخل المكتبة ليتصفح ويقرأ فقط بلا شراء وبلا ايجار -كما تعمل بذلك بعض المكتبات- أو من يشتري فهما سواء يفسحان لهم القلوب والأبواب والكراسي وضيافة الشاي والقهوة فيخيل اليك أن هذا التعامل معك أنت لوحدك لكن كثيرًا ما يفرحك تواصل الاكرام نفسه يوميًا ومع آخرين وكثيرين صغارًا أو كبارًا.
# لا أبالغ إن قلت بترحابهما الجميل وتواصلهما النبيل مع كل تلك المناطق -المذكورة أعلاه- إنهم يعرفانها ويحفظانها عن ظهر قلب أفرادًا وأسرًا وقبائل ومعالم وقد يسألانك عن شخص من منطقتك وأنت لا تعرفه والأجمل في ذلك وهذا تلاحظه يتكرر كثيرًا فبمجرد وقوف البعض لأول مرة عند عتبة مكتبتهما وبمجرد معرفتهما لمنطقته وقبل التعرف على اسمه هو شخصيًا -تجدهما بلا كبير تردد- يسألانه عن بعض أفراد أسرته -وما شاء الله- فهم لا يخطئان في ذلك ولو لمرة واحدة.
# وهذا العطاء الذي يتجاوز بحمد الله محطة ربع القرن من عمر الزمان بكثير فهو شامة يفخر بها كل من ينتمي للمدينة وأيضًا الغريب الذي يدخل المدينة لتوه خائفًا يترقب فيكون من المحظوظين إذ قادته خطواته الأولي لتلكم المكتبة لتكون أول من يحتويه ويضمه إلى حضن المدينة فتطمئنه بضيافتها ومن ثم سؤاله عن مكانه فهم يعرفان الغريب لأول مرة لكن بتعاملهما اللطيف يحتويانه فيصير قريبًا.
# أما أدوارها الاجتماعية فهي مستمرة طيلة سحابة النهار ووصولًا للفترة المسائية لأنها كثيرة وكبيرة فهي تارة ملجأ لبعض كبار السن كأنها دار لهم فتحفهم بالرعاية والاحترام إلى أن يذهبوا وقت ما شاءوا كذلك هي نقطة عبور دائمة لأصحاب الحاجات والأمانات فهما يحفظان أسرار الحديث والأفعال ووصايا الأقوال والأموال وارشاد السائل الذي لا يتوه بالقرب منهما فهم يقومان ويقدمان كل هذه الخدمات بلا تضجر بل بكل أريحية سمحاء سواء وجدتهما مزدحمين أو لوحدهما.
# كذلك لا غرابة ملاحظة أن كل نشاطات المدينة الاقتصادية -كل مزادات البيع الرسمية والخاصة- والرياضية والثقافية والتعليمية وحتى القانونية أنه كي ما تجد حظها من النشر والمتابعة فهي تتسابق إلى الاعلان بالقرب من تلكم المكتبة وذلك بتثبيتها على لوحة اعلاناتها الخشبية الخاصة بها أو بالقرب من جدرانها أو على أبوابها الخشبية الكبيرة من الداخل عند فتحها أو الخارجية عند إغلاقها.
# إذًا فحقًا إنها المكتبة الوطنية لأنها تتزين بأوسمة الخدمة الطويلة والممتازة لكل الوطن الصغير بربر أولًا ثم ينتشر ابناؤها ليخدموا كل الوطن الكبير السودان لذا نرجو ونأمل أن يتم تكريمها من قبل الجهات المسؤولة عن الشأن الاجتماعي والثقافي بهذه المحلية حتى تتزين تلك الجهات بوسام تكريمهم لها لأن أصحابها تفضلًا وتكرمًا منهم يساهمون معها وقد يسابقونها فيسبقونها في كثير من هذه الأدوار الواجبة عليها.
# أنوه أنه بهذه الكلمات البسيطات والمستحقة في حق أصحاب هذه المكتبة لا أريد أن أقصم ظهورهم لكنها تأتي من باب من لا يشكر الناس لا يشكر الله ونعلم تمامًا أنهم سوف يقابلونها بكثير من المعاتبة لكنا نقول أنا فقط شهدنا بما علمنا وبما ظهر لنا سائلين الله أن يتقبل منكم أعمالكم المخفية.
# ختامًا نشير إلى أن كل أبناء بربر أو الذين عبرت بهم الظروف -في زمان ما- بطرق المدينة المختلفة يحفظون الجميل -بكل الحب والتقدير- لهذه المكتبة لتعليمها وتهذيبها لهم بما قدمته -وتظل تقدمه- من علم وثقافة من خلال مراجعها وقواميسها وكتبها ومجلاتها الدينية والتاريخية والعلمية والثقافية وغيرها والمبذولة منها قبل دفع الثمن الذى لا خلاف عليه كثيرًا سواءً أكان مقبوضًا أم مؤجلًا أم منقوصًا أم ممنوحًا حتى. لأن كل همها الأول أن تعلم النشء علمًا يستبين به سبل الحياة لكنها التزمت وللخلق الرفيع والراقي في تعامل أصحابها بوصية الشاعر أنها علّمت الجميع قبل كل ذلك أخلاقًا. فتقبل الله منهم وجزاهم بميزان المخلصين وبارك في أعمارهم وأعمالهم. آمين يا رب العالمين.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!