تجـارة سـلاح الكـلام

بسم الله الرحمن الرحيم
جدير بالذكر
د. معتز صديق الحسن
Mutsdal55@gmail.com
تجـارة سـلاح الكـلام
# بكل اليقين سوف تستغربون من العنوان لأن المشهور بين الناس تجارة السلاح ولا أحد ينتبه إلى تجارة سلاح الكلام.
# وتشتهر مثل هذه التجارة عند غالب السياسيين في هذا البلد المنكوب بتنظيرهم بينما تقل عندهم آليات التنفيذ الناجحة والمستمرة.
# فكل سياسي -إلا من رحم ربي- مستعد ومتحفز لإشهار سلاحه الكلامي للإجهاز بضربة قاتلة على أي رأي أخر يخالفه.
# ويزداد شراسة وضراوة إذا ما تأكد تمامًا أن بدايات التقدم والتطور للوطن تتلخص في التجاوز والإهمال لشخصه وآله وحزبه.
# فيغلب مصالحه الخاصة أولًا ثم تأتي عنده مصلحة الوطن ثانيًا بل بالأصح في المرتبة الأخيرة هذا إذا وردت أصلًا في حساباته.
# واتساقًا مع سلاح الكلام السياسي وتجارته هنا يحضرني “الكاريكاتير” الشهير بريشة الفنان المبدع “كاروري” .
# وهو يصف أولى الأمنيات العاجلة جدًا لأحد مسؤولينا الكبار بعد غيابه عن الوطن -مع معارضة الخارج- ولفترة طويلة من السنوات.
# وكما يحكي “الكاريكاتير” -والذي تعادل صورته ألف كلمة- أنه عند استقباله في المطار تم تقديم كوب من الماء له.
# إلا أنه رفضه بشدة قائلًا: إنه يريد الأهم من ذلك إنه متعطش لميكرفون لأنه عنده كلام كتير عايز يقوله.
# وبالرجوع إلى تجارة سلاح الكلام فهي أكثر خطورة من التجارة بسلاح “البنادق والكلاشنكوف والراجمات والصواريخ”.
# وذلك إذا ما دققنا النظر في ساحات الوغى الكلامية والتي تخلف يوميًا وكل ساعة ودقيقة وثانية الكثير من الضحايا.
# والتي تشمل ميادين ساحاتها المزاح الثقيل والهمز واللمز والغيبة والنميمة والكذب والبهتان وما أصدق عبارة إن الحرب أولها كلام.
# فكل جروح سنان الأسلحة المحرمة وغير المحرمة وأيًا كانت بيضاء أو رصاصية حتى فإنها تبرأ إلا أن جروح اللسان فهي لا تبرأ.
# فكم طرحنا من حلول لمشكلات نزاعاتنا وحروبنا وثرواتنا وبكلمة طائشة من سلاح الدمار الشامل منها ننسف كل جهود الإصلاح فيها.
# هذا بالرغم من إعتناق الغالبية لمبدأ أنه في نهاية المطاف فكل المشكلات لا تحل بأسلحة الحروب وإنما بحروف الحوار.
# لكن هذا الحوار نفسه يحتاج إلى كلام السلام الشامل الذي يتسق مع الجميع وبسموه على المصالح الخاصة وترجيحه دومًا للعامة منها.
# لكن بكل الأسف فليست عندنا من فنون اللغة ولباقتها خيول حرة أصيلة تأتي في اللفة تحسن الختام ليفوز الوطن.
# خاصة إذا ما استوعبنا أن وقوع الحروب واستعارها ما هي إلا تجسيد لنهاية استخدام كل أنواع التراشق اللفظي.
# والوصول لحد القناعة الخاطئة بأنه لا شعور بالانتصار وهزيمة الأخر إلا باللجوء لاستخدام منطق القوة لا قوة المنطق.
# فحتى متى ننتظر سياسيين يتبعون القول بالعمل لمداواة جروح اللكمات ببلسم الكلمات مسترشدين في كل ذلك بمقالة لكل مقام مقال؟ هذا وبالله التوفيق.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت ستغفرك وأتوب إليك.