(الصـلاة خـيــر مــن) الاتـصـــالات

0
(الصـلاة خـيــر مــن) الاتـصـــالات

بسم الله الرحمن الرحيم
جدير بالذكر
د. معتز صديق الحسن Mutsdal55@gmail.com

(الصـلاة خـيــر مــن) الاتـصـــالات

# في إحدى بلاد المسلمين وداخل بيوت الله فيها تنتشر ظاهرة لا تملك وصف مرتكبيها الا بواحدة من ثلاث -أو قد تنطبق جميعها عليهم- فهم إما مخبولون أو يجهلون أمور دينهم أو في حالة مرضية متاخرة جدًا من إدمانها وبحاجة مآسة للعلاج منها.
# الظاهرة المؤسفة هي الإنشغال والإستغراق العميق مع “الجوال” لدرجة اللاوعي -بمن وما حولهم- وقت ما هم في مكالمة أو تصفحًا لرسائل مواقع التواصل الاجتماعية المختلفة ولا يقطعهم -أو بالأحرى لا يوقظهم- منها لا إقامة الصلاة ولا الدخول فيها بتكبيرة الإحرام.
# أي مكسب أعظم بالتصفح لشاشات جوالاتهم صعودًا وهبوطًا (وتقليبها ذات اليمين وذات الشمال) ولا يعنيهم (فريضة الاستماع لقراءة القرآن) في داخل الصلاة الجهرية وبالمسجد والله سبحانه وتعالى يقول في محكم تنزيله: (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون).
# عياذًا بالله لا استماع ولا انصات منهم مع أن الإمام رفع صوته بتكبيرة الاحرام وقرأ سورة الفاتحة واكمل السورة التي بعدها في الصلوات الجهرية (الصبح والمغرب والعشاء) تنويه لا استثناء في الصلوات السرية (الظهر والعصر) لكن في مواضع الجهر هذه فالفعل القبيح أوضح ويمكن ملاحظته بصورة أدق.
# بالرغم من كل هذا فما زال البعض منهم يتحدث بصوتٍ عالٍ أو متجولًا بين رسائله لا يقطعه من تلك الأفعال الا إذا لمح الامام منحني الظهر راكعًا وقتها يتسابقون (كالحُمر المستنفرة الفارة من قسورة) وذلك لإدراك تلك الركعة الأولى في نهاية نهايتها حتي يرتاحوا منها لا راحة بها.
# بلا شك هكذا تسابق منهي عنه بتوجيه لطيف للمسبوقين كما جاء في السنة النبوية الشريف (إذا سمعتم الإقامة فأمشوا للصلاة وعليكم السكينة والوقار ولا تسرعوا فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاتموا) وذلك للمسبوق بغير تعمد منه فكيف حال من لا عذر لهم فهم مسبوقون متعمدون مع سبق الإصرار والترصد.
# كيف تفضل تأخير الصلة بالله داخل أحد بيوته وفي صلاة الجماعة من أجل مواصلة الاتصال بالبشر لأقصى وقت ممكن من الزمن أو لم تفهم كلمة الله أكبر التي في بداية (النداء والإقامة والصلاة) فإنها تعني الله أكبر من كل شيء وهنا تجد العبارة (من أجل صلاتك اجّل اتصالاتك) جد مناسبة لا حدوث عكسها (من أجل اتصالاتك اجّل صلاتك).
# إذًا لا غرابة بمثل ما كان الجوال آخرها بعد تحريمها بالتكبير أن يكون أولها بعد تحليلها بالسلام ليحل أيضًا مكان الباقيات الصالحات فلا استغفار ولا تسبيح ولا تحميد ولا تكبير ولا قراءة لآية الكرسي وسور الإخلاص والمعوذتين فما أن يتم السلام على الجهتين اليمنى واليسرى إلا وأُدخلت الأيدي بحثًا عنه في الجيوب أو رفعه من موضع السجود.
# بينما أول سنن رسول الله عليه الصلاة والسلام بعد الفراغ منها الترديد ثلاثًا لقول (استغفر الله) فما أجمله من استغفار وإن كنت خارجًا للتو من أفضل عمل صالح (الصلاة على وقتها) وترديده هنا (خشية السهو فيها وانقاص خشوعها) إنه استغفار للتقصير في الطاعات فما بالنا لا نستغفره من الاطالة أو الاستعجال في المخالفات.
# السؤال المزعج والمخيف إذا كانت متابعة “الموبايل” أولًا وأخيرًاً تحظى بهذا الاهتمام المتعاظم عند بعض الذين هم -بحمد الله- يرتادون المساجد فيا ترى ما مدى أهميته عند أولئك الذين هم خارج بيوت الله؟! قطعًا إنهم به (ينامون) وعليه (يستيقظون).
# مع أن المقارنة معدومة فبالله عليكم مثل هذه الممارسات سالفة وسيئة الذكر ألا تحتاج منا لتأمل عميق لأن الصلاة المفروضة إذا ما اقيمت تقطع لها السنن لقوله عليه الصلاة والسلام: (إذا اقيمت الصلاة فلا صلاة الا الصلاة المكتوبة) بمعني جواز قطع صلاة النوافل من تحية مسجد وسنن رواتب وذلك من أجل ادراك فضيلة تكبيرة الإحرام (فما لكم كيف تحكمون).
# فالصلاة (خير من اللهو والتجارة) و(خير من النوم) وبلا شك خير من هذه الاتصالات سواءً داخلها أو بعدها مباشرة بل خير من كل ملذات الدنيا. نسأل الله أن يهدينا فيها سواء السبيل على هدي الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام (وأن نصلي كما رأيناه يصلي) ويرينا الحق حقًا ويرزقنا إتباعه ويرينا الباطل باطلًا ويرزقنا اجتنابه. آمين يا رب العالمين.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!