الكهرباء.. صعقة الفقراء ومكافأة الأثرياء

رأي إعلامي
أ/ شاذلي عبدالسلام محمد
الكهرباء.. صعقة الفقراء ومكافأة الأثرياء
🔹منذ متى أصبح النور رفاهية؟ منذ متى تحولت الكهرباء من حق مكفول إلى سلعة تحتكرها السوق لمن يدفع أكثر؟ لعله زمن اختلطت فيه الأولويات فبات المواطن مطالبًا بتكييف حاجاته الأساسية وفق تقلبات التعرفة بينما تتعطل المصانع وتذبل المزارع وينكمش الاقتصاد كل ذلك تحت راية (الإصلاحات الاقتصادية) التي لا يرى لها أثر إلا في جيب المواطن الفقير ولا يسمع لها صدى إلا في أروقة الإدارات التي تبرر ثم تزيد الأسعار ثم تبرر مجددًا وهكذا تدور الدائرة كهرباء أقل.. وتعرفة أعلى…
🔹عزيزي القارئ تناولت الاسافير بيانًا لشركة الكهرباء حمل في طياته جملة من المبررات التي لا تختلف كثيرًا عن تلك التي قيلت في السنوات السابقة بل ربما كانت مستنسخة حرفيًا مع تعديل التاريخ لا أكثر ارتفاع تكلفة الإنتاج، شح النقد الأجنبي، ضرورة مقابلة التكاليف المتزايدة.. وعود بتحسين الخدمة وتطوير الشبكة.. وخاتمة مألوفة والله ولي التوفيق…
🔹أحبتي منذ سنوات ونحن نسمع نفس الوعود ولكن الكهرباء لم تتحسن بل ازدادت سوءا حتى أصبح انقطاعها حدثًا يوميًا روتينيًا ورغم ذلك لا تتوقف الفواتير عن الارتفاع وكأن الأمر لا علاقة له بالجودة بل هو مجرد قرار إداري بتحميل المواطن عجز الدولة عن إدارة قطاع استراتيجي بهذه الأهمية…
🔹لا يخفى على أحد أن التعرفة الجديدة ستترجم ببساطة إلى واقع لا يحتمل التأويل فالأغنياء سيتمتعون بالكهرباء دون انقطاع بينما يجد الفقراء أنفسهم في دوامة الظلام عاجزين عن دفع فواتير تفوق قدرتهم؛ فالكهرباء، التي يفترض أنها خدمة عامة أصبحت اليوم رمزًا جديدًا للطبقية حيث يعيش البعض في منازل مضاءة بالمولدات الخاصة بينما يعود أخرون إلى عصر الشموع والمصابيح الزيتية…
🔹المزارع الذي يعتمد على مضخات الري الكهربائية سيضطر إلى رفع الأسعار أو إغلاق مزرعته بالكامل وأيضًا أصحاب الورش الصغيرة الذين يعملون بالكاد لتوفير قوت يومهم سيتلقون الضربة القاضية وكذلك الأسر ذات الدخل المحدود التي تكافح بالفعل لتأمين أساسيات الحياة ستضطر إلى المفاضلة بين دفع فاتورة الكهرباء أو توفير احتياجاتها الأخرى وفي النهاية الجميع خاسرون عدا الشركات التي تواصل جمع الأرباح من جيوب المنهكين….
🔹عزيزي القارئ هل يمكن الحديث عن أي نهضة اقتصادية في بلد تقطع فيه الكهرباء يوميًا لساعات طويلة؟ كيف يمكن للمستثمرين أن يضخوا أموالهم في مشاريع لا تضمن حتى استمرارية التيار الكهربائي؟ كيف يمكن لمصنع أن يحقق إنتاجًا مستقرًا في ظل انقطاع لا يمكن التنبؤ به؟..
🔹الحقيقة أن زيادة تعرفة الكهرباء ليست مجرد قضية تتعلق بالمنازل والمستهلك العادي بل هي ضربة قاصمة لكل القطاعات المنتجة فالاقتصاد الحديث قائم على الطاقة والطاقة في السودان أصبحت سلعة متقلبة تباع بسعر لا يعكس جودتها بل يعكس فشل إدارتها…..
🔹يردد المسؤولون دائما أنهم يسعون إلى (تطوير الشبكة الكهربائية) لكن الحقيقة أن هذا التطوير محصور في التقارير والاجتماعات بينما الواقع لا يشهد إلا مزيدًا من التراجع الأسباب متعددة من سوء الإدارة إلى الفساد ومن غياب التخطيط إلى التعقيدات “البيروقراطية” التي تجعل أي مشروع تطويري يمر بمراحل من التعطيل والمماطلة حتى يصبح غير ذي جدوى….
🔹إلى أن نلتقي…..
١١ مارس ٢٠٢٥م