حينما استعاد السيف عرشه

رأي إعلامي
أ/ شاذلي عبدالسلام محمد
حينما استعاد السيف عرشه
🔹التاريخ لا يكتب بالمداد وحده بل ينقش في الصخر بالنار والدم ويرسم في أفق الذاكرة الوطنية بأشلاء الرجال الذين جعلوا من أجسادهم سترا للوطن ومن أرواحهم زادا للكرامة وفي لحظات فارقة حينما تختزل الأوطان في مشهد واحد وحين تتكثف المعاني في ساحة معركة وحيدة تخلق الأسطورة ويتحول المكان إلى رمز خالد كما تحول القصر الجمهوري من مجرد مبنى إلى أيقونة للصراع من أجل البقاء…..
🔹عزيزي القاري حينما تدحرج الوطن إلى حافة الضياع وحين صار القصر الجمهوري أسير أيد لم تخلق لتصون بل لتبدد وحين أُريد للسيادة أن تمسخ شعارات خاوية وحين غاص الحلم الوطني في وحل التامر والاستلاب لم يكن ثمة خيار إلا السيف ولم يكن ثمة صوت إلا دوي الرصاص وهو يكتب السطر الأخير في رواية التخاذل….
🔹في تلك الليلة الثقيلة حينما كانت الأعين مترقبة والقلوب على كف الرجاء لم يكن الصمت إلا إعلانا بأن شيئا جللا يتخلق في رحم اللحظة وكان القصر الجمهوري ذاك البناء الحجري العريق يتلوى تحت وطأةغرباء لا يعرفون معنى قدسيته غرباء تسللوا إليه كما تتسلل الأشباح إلى بيت نكست أعلامه و كان المشهد مقبضا كأن الزمن تكلس في زاوية معتمة منه وكأن الجدران تنوء بحمل الخيانة التي أثقلت كاهل المكان…..
🔹لكن الأوطان لا تموت وإن كبرت الجراح والسيادة لا تنتزع إلا لتعود أكثر جلالا وأعظم مهابة وهناك على خطوط النار الأولي حيث كانت البنادق تشهر كأنها أوتار نشيد وطني يعزف في قلب العاصفة وكانت القوات المسلحة تستعد لإعادة كتابة التاريخ من جديد ولم تكن معركة بالمعنى التقليدي بل كانت استعادة لروح وطن حاولت الأيادي المرتجفة أن تطمس ملامحه وكانت استرجاعا للقصر بما هو أكثر من مجرد مقر رئاسي بل بما هو رمز لكرامة أمة لم تستكن يوما لعابرٍ دخيل…..
🔹كان الزحف مقدسا وكانت البنادق التي تلمع تحت الشمس الحارقة تشبه أسنان النمور وهي تتحفز للانقضاض و لم يكن الأمر مجرد عملية عسكرية تستهدف استرداد مبنى بل كان عودة للسيادة إلى موطنها الأول وكان انتقاما للتاريخ من لحظة سهو كادت أن تبدد عقودا من النضال وكانت القوات المسلحة تعرف الطريق جيدا ولم يكن في قواميسها موضع للتردد أو التراجع….
🔹احبتي عندما دوى الرصاص كان الوطن كله يتنفس من جديدو كانت الأرض تتطهر من رجس الدخلاء وكانت السماء تصدح بأصوات النصر التي تغسل عار السقوط السابق و في تلك اللحظة لم يكن القصر الجمهوري مجرد جدران تحرر بل كان فكرة تبعث من جديد وسيادة تخط بدماء الرجال الذين أقسموا أن يبقى الوطن فوق كل اعتبار….
🔹إن القصر الذي استعادته القوات المسلحة لم يكن إلا البداية لأن معركة السيادة لا تنتهي عند استعادة المباني بل تبدأُ عند ترسيخ المفاهيم و الوطنية ليست شعارا يرفع حينما تهب العواصف ثم ينكس عند أول اختبار بل هي التزام أخلاقي وسلوك يومي لا يعرف المساومة….
🔹في زمن باع فيه البعض ولاءهم بثمن بخس وحاولوا أن يضعوا مصير الأمة في مزاد.المصالح.كان لابد أن تقال الكلمة الفصل بلسان البارود وكان لابد أن تعاد عقارب التاريخ إلى مسارها الصحيح و ليست الحرب مجرد مواجهة بين جيشين بل هي تصفية حساب بين العقيدة والوهم و بين الحقيقة والزيف وبين من يؤمن بأن الوطن أمانة تحمل على الأكتاف ومن يراه مجرد غنيمة تقتسم بين الطامعين….
🔹عزيزي الكريم لم يكن النصر حدثا عابرا بل كان لحظة ميلاد جديدة لوطن قاوم السقوط ورفض أن يكون ألعوبة في يد من لا يدركون معنى السيادة ولا يفهمون مغزى الانتماء وكان العلم الذي علق من جديد على القصر الجمهوري أكثر من قطعة قماش ترفرف في الهواء كان إعلانا بأن التاريخ قد عاد إلى مجراه وأن المقاتلين الذين عبروا نهر الدم لم يعبروا إلا ليصلوا إلى لحظة كهذه لحظة تطوى فيها صفحة الانهزام إلى الأبد….
🔹ولأن القصر ليس مجرد حجارة صامتة بل هو عنوان السيادة وعلامتها الفارقة فإن استعادته لم تكن نصرا عاديا بل كانت تجسيدا لمعركة أوسع و معركة البقاء في وجه الطوفان ومعركة الوطن ضد كل من لا يفهم أن الأرض التي تروى بالدم لا تتتزع أبدا من أصحابها…
🔹في نهاية المطاف لا صوت يعلو فوق صوت الحقيقة ولا مكان للوهن في معركة الوجود ولقد كانت استعادة القصر الجمهوري اختبارا لإرادة الأمة جمعاء وكان إعلانا بأن التاريخ لا يكتب بالأماني بل يحفر في الصخر بقبضات الرجال الذين يؤمنون بأن الوطن لا يصان إلا بالقوة ولا يحمى إلا بأيد لا ترتجف حينما تحين لحظة الفصل….
🔹وهكذا في ساحة المعركة الأخيرة حيث ارتفع العلم على أنقاض الزيف والخيانة و أدركَ الجميع أن السيادة لا تمنح لمن يتسولونها بل تنتزع انتزاعا وحين ينطق السيف فكل لغو إلى زوال…
🔹الي ان نلتقي….
٢١ مارس ٢٠٢٥م