مستشفى بلا أطباء

بسم الله الرحمن الرحيم
جدير بالذكر
د. معتز صديق الحسن
mutsdal55@gmail.com

مستشفى بلا أطباء

# لا يمر اليوم أو –على أقصى تقدير- اليومان دون مصادفة أحد المواطنين وهو ينفث الهواء الساخن -شهيقًا وزفيرًا- حين ما يتحدث ألمًا عن مرارة معاناته في داخل مستشفى بربر.
# معاناة الجميع فيها تتلخص في أنهم يجدون المباني جاهزة ومهيأة ومرتبة لكن ينقصها بل تكاد تفتقر إلى من يشخصون الداء ويصفون الدواء ويضمّدون الجراح و… و… من أصحاب التخصص الطبي الدقيق.
# وفي هذا أنفقنا العديد من المقالات المدّبجة والمطرّزة عن ثورة الإنشاءات والاصلاحات التي انتظمت مبانيها لنؤكد على أنها تحسنت كثيرًا مظهرًا بإضافة العديد من العنابر والمعامل الجديدة والعناية المكثفة و… و…
# خاصة مركز غسيل الكلي الذي بدأ بتقديم خدماته خلال اليومين الماضيين لكل المحلية وما جاورها من محليات أخرى بصورة مبشرة ومطمئنة متمنين له مواصلة المشوار بنفس واحد ومنتظم دون انقطاع أو توقف لا قدر الله.
# إذن هي جهود كبيرة ومقدّرة لا تخطئها العين وقد جاءت نتيجة لنفرات صادقة وكبيرة خاصة من أصحاب الجهد الشعبي الذين قلبهم على مدينتهم ووطنهم الصغير فمدّوا قلوبهم وأياديهم البيضاء بذلًا ودفعًا ولم يستبقوا شيئًا.
# دون ما تبخيس لجهودهم لكنّا نطالبهم ببذل المزيد وتسخير علاقاتهم وإمكاناتهم لإكمال الناقص الأهم (حتى تكتمل الصورة) بالعمل على توفير وزيادة الكوادر الطبية وذلك بمطالبة ومتابعة وملاحقة الجهات المختصة لأنهم اثبتوا بالمواقف والتجارب هم القادرون على التمام.
# لأنه في حال الاستمرار بهذه الطريقة المتمثلة في الفقر الشديد من الكوادر الطبية وعدم توفيرها من قبل الجهات المختصة بأسرع ما يكون فقريبًا ما سوف نسمع العبارة الصادمة والمحبطة والمحطّمة (كأنك يا أبوزيد ما غزيت ولا “شفت” الغزو).
# بالرغم من قلة الكوادر الطبية فيها وأنها ليست متاحة إلا لساعات معدودة في اليوم أما في حالات الطواري ليلًا او نهارُا حتى فتبحث عنها كأنك تبحث عن إبرة في “كومة” من “القش” إلا أن كثير من المواطنين يشكون بإجماع من تعامل أحد الأطباء معهم.
# فتعامله لا يخلو من الغلظة والاستعلاء والاستفزاز مع المرضى لا المرافقين وطرد المرافق الواحد و… و… وعلى الرغم أننا وبشدة ضد الاعتداء على الأطباء ومهما كانت المبررات لأنهم يؤدون رسالة انسانية سامية.
# لكن في حال التمعن في الحالة الشاذة لهذا الطبيب واستصحابها لا تستغرب موجة وقوع هذه الاعتداءات عليه وعلى أمثاله فلو كان في غير هذه المدينة الطيب أهلها لنال الشتائم والضرب من المتفلتين لفظًا وفعلًا.
# على كل وبدون قصد لامن قريب ولا من بعيد لزرع اليأس والاحباط في النفوس سواءّ أكان للجهات أو للأفراد لكن طالما المستشفى كل هذه المدة الطويلة “قصر مشيد” بالمباني و”بئر معطلة” لعدم توفر الكادر الطبي وسوء المعاملة من أحدهم كما أسلفت لدرجة تفضيل الهجرة لأية مستشفى أخر حتى لا يلتقوا به أو يتعاملوا معه مرة أخرى.
# والحال هكذا فمثلنا مثل ذلك الطفل الصغير الذي طالب والده قبل أيام العيد بأن يشتري له لبسة “السديري” ليتزين و”يقدل” ويستعرض بها بينما ليست لديه أية قطعة ملابس اخرى تستر بقية جسمه.
# فمستشفى بهذه الفخامة من مبان في قمة الجاهزية من نظافة أرضيات عنابره وفرشه والاضاءة والتكييف … إلخ لكنه بدون أطباء لا يصح اطلاق هذا المسمى عليه فبالأصح وحاله هكذا مع تغيير طفيف في أعادة كتابة لافتته فقط يصبح فندق -بدون مبالغة- من ثلاثة إلى خمسة نجوم.
# لكن الفارق أن “الفنادق” يأتي اليها الناس طوعًا واختيارًا وفي كامل صحتهم وعافيتهم للاسترخاء والاستجمام بينما هنا أي -لهذه المستشفى- يأتون إضطرارًا لصحتهم الناقصة للاستشفاء والعلاج نتمنى بشدة أن تتحقق لهم كل هذه المطالب الواجبة والواجب تنفيذها وفي أقرب وقت. ألا هل بلغت اللهم فأشهد.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.

أرشيف الكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!