الوضع الصفري

رأي إعلامي
أ/ شاذلي عبدالسلام محمد
الوضع الصفري
🔹يقول الفلاسفة إن الصفر ليس مجرد رقم بل هو حالة وجودية تختصر العدم وهو الحد الفاصل بين الوجود والفناء، فحين يصل المرء إلى الصفر يكون قد فقد كل إمكانية للتقدم أو التراجع ، عالقا بين الماضي الذي لم يعد له مكان والمستقبل الذي لا سبيل إليه و هذا هو الحال الذي وصلت إليه مليشيا آل دقلو ومن شايعهم بعد أن ظنوا أن الأوطان تختطف بالقوة وأن التاريخ يعاد كتابته برصاص المرتزقة فاكتشفوا بعد فوات الأوان أن القوة التي لا تستند إلى شرعية مصيرها الزوال وأن من يعادي شعبه لا مكان له بين الأحياء…..
🔹عزيزي القارئ في الأيام الأولى للصراع توهمت هذه المليشيا أن الغلبة ستكون لها وأن السلاح والمال الحرام كفيلان بجعلها سيدة المشهد لكنهم أخطأوا فهم معادلة التاريخ وظنوا أن الإرادة الوطنية يمكن أن تشترى وأن الولاء يباع في سوق المصالح و لم يدركوا أن الشعوب لا تهزمها المؤامرات وأن القيم التي يقوم عليها الجيش السوداني ليست مجرد شعارات بل عقيدة راسخة تختبر في المحن وتثبتها الأيام…..
🔹احبتي لقد خاضت القوات المسلحة معركة وجود ليس فقط لاستعادة الأرض بل لحماية جوهر الوطن من التشظي فكانت المعارك التي يخوضها الجيش ليست مجرد مواجهات عسكرية بل امتحانا لصلابة الدولة في وجه الفوضى وحسما لصراع بين مشروع وطني وبين أجندة ارتزاقية لا تحمل من السودان سوى الاسم…..
🔹مع كل تقدم للجيش كانت المليشيا تتراجع ومع كل انتصار كانت الصورة تزداد وضوحا فهؤلاء لم يكونوا يوما مشروع دولة بل عصابة مسلحة جمعت المرتزقة من كل حدب وصوب وحاولت أن ترسم لنفسها شرعية بقوة السلاح لكنها لم تجد إلا الرفض والمقاومة حتى أصبحت اليوم بلا قضية و بلا هدف و بلا مستقبل…..
🔹في الحروب عندما تصل القوة المهاجمة إلى نقطة لا تستطيع فيها التقدم ولا التراجع يعرف ذلك في الاستراتيجيات العسكرية بـ(الوضع الصفري ) وهو أسوأ ما يمكن أن يصل إليه أي طرف في الصراع وهذا ما حدث لمليشيا آل دقلو التي وجدت نفسها محاصرة سياسيا وعسكريا وشعبيا بلا مخرج و بلا ملجأ وبلا حلفاء حقيقيين…..
🔹فعلى الأرض تواصل القوات المسلحة تقدمها تفرض سيطرتها تعيد للوطن سيادته بينما المتمردون يخسرون مواقعهم الواحد تلو الآخر ليس فقط في الميدان ولكن في عقول وقلوب السودانيين الذين لم يعودوا يرون فيهم سوى عنوانا للخراب…..
🔹أما على المستوى السياسي فقد تهاوت الأكاذيب التي سوقوها للعالم وبات واضحا أن (القضية) التي حاولوا تغليف جرائمهم بها ليست سوى ستار للنهب والتدمير فالمجتمع الدولي الذي ربما التبس عليه الأمر في البداية بات اليوم أكثر إدراكا لحقيقة ما يجري ولم يعد هناك مجال لخداع أحد فهذه المليشيا ليست قوة تغيير وليست مكونا سياسيا و إنها مجرد عصابة فقدت بوصلتها وتلاشى ما تبقى لها من أوراق الضغط وأصبحت عاجزة حتى عن حماية نفسها….
🔹في المقابل فإن القوات المسلحة لم تخض هذه الحرب بردود الأفعال بل بمنهجية مدروسة وبتخطيط استراتيجي يراعي تعقيدات المعركة ولم يكن الهدف مجرد استعادة السيطرة على الأرض بل تفكيك مشروع الفوضى من جذوره وضمان عدم تكرار هذه المأساة في المستقبل….
🔹من هنا كان التقدم العسكري محسوبا بدقة ليس فقط لضمان النصر ولكن لتقليل الخسائر ولحماية المدنيين ولتفادي أي محاولة من المليشيا لإعادة إنتاج نفسها عبر فوضى غير محسوبة وهذا هو الفرق بين جيش نظامي يقاتل بعقيدة وطنية وبين عصابة تخوض حربا بلا أفق بلا استراتيجية بلا غاية سوى الهروب من النهاية المحتومة…..
🔹عزيزي الكريم لطالما كان السؤال في البداية متى ستنتهي هذه الحرب؟ أما اليوم فلم يعد السؤال (متى) بل (كيف) ستكون النهاية؟ فالنتيجة محسومة والطرف الخاسر واضح والتاريخ يسير في اتجاه واحد لا مكان للمليشيا في مستقبل السودان….
🔹إن الوضع الصفري الذي وصلوا إليه ليس مجرد محطة مؤقتة بل هو مصير نهائي فالسودان ليس مرتعا للمرتزقة ولا ساحة لمن يعبث بمقدراته وحين تكتب هذه الحرب فصلها الأخير لن يكون هناك سوى درس واحد يسجله التاريخ أن الأوطان تحمى بالإرادة لا بالمرتزقة وأن الجيوش الوطنية مهما تأخر انتصارها فإنها لا تهزم لأنها لا تدافع عن سلطة بل عن وجود.
🔹في النهاية حين يطوى هذا الملف ستظل هذه المليشيا ذكرى سوداء في ذاكرة السودان بينما يكتب الجيش تاريخه بمداد من النصر ويواصل الوطن مسيرته أقوى وأصلب وأكثر قدرة على مواجهة المستقبل…..
🔹الي ان نلتقي….
٢٧ مارس ٢٠٢٥م