كيفك يا وطن ما أعظمك

بسم الله الرحمن الرحيم
جدير بالذكر
د. معتز صديق الحسن
Mutsdal55@gmail.com

كيفك يا وطن ما أعظمك

# من على البعد المجازي سهولًا وجبالًا وبحارًا لكنه مطوي بالقرب المعنوي قلوبًا وضلوعًا ودموعًا، لأنك انت قريب من النفس والروح نبعث لك التحايا الصادقات أيها الوطن الحبيب، وإننا مشتاقون بلهفة وتواقون بشغف في كل حين (لزولك) (نيلك ارضك زرعك شمسك وبنحبك يا سودان).
# فما أقسى (غربة اليد واللسان) والأخلاق في أوطان كنا نعدها بعضًا منا، لكن حقًا لا يحس المرء بالنعم التي بين يديه الا بعد أن يفتقدها، فقد حيزت لنا الدنيا بحذافيرها، لكنا تركنا كل هذه الحذافير من (أمن سرب وعافية بدن وقوت يوم) وأيضًا قبله متغافلين عن امتنان القرآن الكريم بكل هذا كما في قوله تعالى: (الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف).
# أكثر ما افتقدته بعيدًا عنك يا وطن السلام نعمة السلام على من تعرف ومن لا تعرف ورده بحرارة، لكن هنا حيث الغربة الغريبة نادرًا ما تجد من يرد السلام دعك من أن يبادر به، والغريب أنهم كأبناء جنس واحد يتطاولون علوًا أو ينحنون انخفاضًا كي ما تلتقي الوجوه حتى يتبادلوا التحايا بكفوف أنوفهم.
# ولكن يعجزهم أن يردوها لك بكفوف الأيدي رفعًا أو تلويحًا، دعك عن المصافحة أو على الأقل ردها بكلمة من لسانهم وعليكم السلام، هذا إن لم يقولوا (وعليكم السأم) كما في تعبير وجوههم، فأنت غريب الأنف واليد والدم واللون، ولا تستغربوا لغربة اللون هذه لأنها مؤيدة بدليل، إذ في كل تحاياهم يسألون عن ألوانهم ــ وإن قصدوا السؤال عن أحوالهم ــ لتردد بين فينة وأخرى (ايش لونك).
# بل ذهبوا لأبعد من ذلك، فحتى في المساجد التي يتساوى فيها الناس بمختلف وظائفهم وطبقاتهم وسحناتهم، لكن صارت الصفوف خاصة الأول منها الذي لو لم يجد الناس لفضله من أن يستهموا عليها لاستهموا، لكنه هو من حقهم هم فقط، لدرجة أن يطردوا الآخرين بإرجاعهم للخلفية منه، فإذا لم نتساوَ في بيوت الله فيا ترى أين تكون المساواة.
# ما أقسى معايشة الاكتشاف لا مجرد السماع عنه فقط ــ ذلك بأن إخوة الإسلام صارت في بعض بلداننا الإسلامية التي من المفترض أن تكون وطنًا واحدًا، لكنها مقسمة لعدة بلدان ــ أنها صارت بجنسية معينة، وامتلاك الأموال الضخمة واللون والجنس المعين (أبيض عربي) فتلك لها فضل، أما فللأسود والأعجمي فلا، لذا فلم تعد التقوى ها هنا في الصدور والقلوب وإنما ها هناك في الأرصدة والجيوب.
# نصيحة خالصة لوجه الله.. ليس كل الجمال في إضاءة الطرقات ونظافتها بينما النفوس مظلمة ومتسخة، كذلك ليس هو في العلو في مبانٍ غرف فوقها غرف تناطح السحاب، بينما معاني الأخلاق متهدمة ومنهارة في أسفل سافلين، فالنظافة الحسية مقدور عليها بأقل جهد، لكن ما أصعب المعنوية فهي محتاجة لجهد كبير وكثير.
# أعلم أنه هناك من بني وطني سواءً بينه وبين نفسه أو بصوتٍ عالٍ، سوف ينتقدني ويقول أين هذا الوطن الذي تتحدث عنه فإنه لم يقدم لنا شيئًا؟ لكن مقلوب العبارة هو الصحيح، فنحن الذين لم نقدم له شيئًا البتة سواءً بسكوتنا أو تقصيرنا أو تجاهلنا أو إهمالنا أو بانتقادنا بلا عمل أو عملنا بلا إخلاص أو … أو … عليه لتقدم ورفعة وطننا الحبيب فلنتفادَ ونتلافَ كل هذه المساوئ، ولنقم لإصلاح وطننا يرحمنا ويرحمكم الله. هذا وبالله التوفيق.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.

أرشيف الكاتب

دعوة يحتاجها الوطن: ندعو الله مخلصين دومًا بأن يحقق السلام في وطننا وأن يطفىء نار حربه بنصر ابناءه وتدمير أعداءه. آمين يارب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!