لا لتربية “التلفزيون” لأطفالنا

0
لا لتربية “التلفزيون” لأطفالنا

بسم الله الرحمن الرحيم
جدير بالذكر
د. معتز صديق الحسن
Mutsdal55@gmail.com

لا لتربية “التلفزيون” لأطفالنا

# في ظل تسابق مخطط وتنافس محموم تقوده بكل دقة وإقتدار وسائل الإعلام التلفزيونية الأجنبية وخاصة في فضائياتها المخصصة لبرامج الأطفال والمترجمة للغة العربية دون مراعاة لإختلاف القيم بينما (نزيد طينها بلة) بعدم الإكتراث لها أو تقييمها بدقة أو النهي عنها متعللين بحجة طالما إنها تشغلهم وتلهيهم وتريحنا فدعوهم يشاهدون غير واضعين في الإعتبار أن هذا سوف يكلفنا الكثير من الخسارات المعنوية قبل المادية.
# وفي بعض -أو بالأصح- في كل ظني غير الآثم نحوها أي هذه البرامج الأطفالية الموجهة ما هي إلا أدوات للسيطرة على أجيال المستقبل أما القراءة السريعة لمؤشر تفوقها في تحقيق هذه الأهداف المدسوسة بخبث ماكر لا تملك حيالها إلا القول أنها قد نجحت في ذلك أيما نجاح لأن تلك “التلفزيونات” صارت آباء تهوّد وتنصّر وتمجّس إن لم يكن دينيًا بصورة واضحة الآن فعلى الأقل أخلاقيًا وتربويًا.
# فالناس لم تعد كالسابق على دين ملوكهم -إن صحت العبارة- بل إنهم الآن صاروا على دين إعلامهم وبالمثل لم يعد الأطفال في التربية على دين آبائهم وأمهاتهم بل إنهم على دين وأخلاق تلك القنوات المخططة لتضليلهم بمشاهدتها كثيرًا ومن ثم إدمانها والتي ظاهرها كما يبدو اللهو والترفيه البريئان بينما باطنها التربية والتوجيه المدمران لفطرتهم السليمة عبر بوابة الترفيه وألعاب أكثر من الجرعات المطلوبة والملائمة لسنوات عمرهم فرجاء جالسوهم واسمعوهم وشاركوهم أفكارهم وانصحوهم ووجهوهم وخذوا بأيديهم ولا تتركوهم لجلساء السوء من “التلفزيونات”.
# لأنهم في هذا العمر الغض هم عجينة سهلة وسريعة التشكيل في أيديهم بل أطوع من الدمى يحركونهم كيفما شاءوا وأرادوا. ويبدو هذا التحول المشوه والممسوخ في أطفالنا واضح للعيان إذ صاروا يحفظون عن ظهر قلب مواعيد أي مسلسل كارتوني وأسماء شخصياته وتقليدها صوتًا وصورة ويرددون كل النصوص الواردة في حلقاتها المعادة هذا إلى جانب حفظ أغنية كلمات المقدمة ولحنها ولا يخرمون منها حرفًا واحدًا سواءً أكان نصيًا أم “موسيقيًا”.
# والأنكى أنه صار مستسهلًا عندهم من حيث يدرون أو لا يدرون بل أنه مثله ومثل شرب الماء نطق ساقط القول من عبارات ماجنة وكلمات بذيئة وجمل عنيفة بل قد تذهب لأبعد من كل ذلك بترديد ما يخالف أسس العقيدة الصحيحة والسليمة فلن يكون واجبًا مقدسًا -وإن كان ذلك كذلك- أن يتغيب الوالدان من أجل توفير اللقمة والعيش المريح على حساب النشأة الدينية الصحيحة والتربية القويمة والأخلاق الفاضلة و… و…
# وكيف لا يتحقق كل ما سبق وفلذات أكبادنا التي تمشي على قلوبنا قبل أن تمشي على الأرض تتسمر بالساعات الطوال أمام شاشاتها طيلة النهار وأيضًا هم مستعدون ولا مانع لديهم إن لم تزجرهم أن يسهروا معها لأوقات متأخرة أما إذا ما ذكرت واجب مدرسي أو ما يختص برياض أطفال حتى وقتها يتبين لك أنهم كم بارعون في التفنن وإتقان واختلاق الأعذار للهروب.
# والأمر الأمرّ عندما تخاطبهم أو تطلب منهم القيام بفعل شيء في أثناء المشاهدة فهم لا يسمعونك ولا يرونك ولو انتبهوا لك لا يستجيبون بسهولة بل تجدها مقرونة بكل الصعوبة كحال سماع (الاطرش في الزفة) أو (مشاهدة العميان للسينما) وقبل كل هذا صار -وأنت بمعيتهم- محكومًا عليك بأن تكون خارج نطاق شبكة المواكبة لما حولك من مستجدات الأحداث لأنهم يحرمونك وغصبًا عنك بل مُحرّم عليك متابعة الأخبار والبرامج الهادفة و… و…
# وإمتثالًا لقول الله تعالى (وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا) ولتبيين السمين من الغث أوصيكم ونفسي بمتابعة ما يتم تلقينه لأطفالنا وتحديد ما يمكن أن يشاهدونه وما لا يحق لهم متابعته قبل أن تقع فأس الانبهار والتقليد ومن ثم التسليم الكامل على رؤوس الجميع فيكفي الهزيمة الفكرية عند بعض الكبار لذا لا نريدها أن تصيب بدائها كل الصغار الذين سوف ترميهم به ثم تنسل ولأن النقش في الصغر كالنقش على الحجر. ألا هل بلغت اللهم فأشهد.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!