التــربــح بـالخــســـارة

بسم الله الرحمن الرحيم
جدير بالذكر
د. معتز صديق الحسن
mutsdal55@gmail.com
التــربــح بـالخــســـارة
# حقيقة مرة وتكاد –للأسف- تكون هي الغالبة تتمثل في أنه لا تظهر عيوبنا التي نعرفها عن بعضنا بعضًا وبلا شك هذا الالتزام النبيل والمؤقت بأجل محدود لا يأتي من باب مراعاة الستر والسعي لابتغاء أجره جزاءً من جنس العمل في الدنيا وزيادة في الأخرة (من ستر أخاه المسلم في الدنيا ستره الله عز وجل في الدنيا والأخرة).
# الدليل على ذلك أنها -أي العيوب- تظل محل ومحط الحفظ والصون ولا يمكن الوصول اليها حاليًا لكن كل هذا الستار الغليظ يُهتك ويكشف ما يُحجب وراءه –لنصل إليها لاحقًا- وذلك في حال حدوث الاختلافات والانشقاقات في سعينا -بحق أو بغير حق- لنيل مصالح الدنيا الفانية من مناصب وسلطان ومال وجاه وغيرها.
# فتظهر السيئات والسوءات للعلن بحذافيرها هذا إن لم يتم -بكل التأكيد- الإضافة إليها كذبًا وزورًا وبهتانًا بغير ماهو موجود فيها أصلًا تأسيًا بالعبارة السيئة (إذا اختلف اللصان ظهر المسروق) لنقيس عليها أنه كذلك في حال الخلاف أو الاختلاف ما بين الإخوان والأصدقاء ظهرت العيوب المختلقة وغير المختلقة.
# أمثال السالكين لهذا النهج المستهجن ليسوا بإخوان ولا بأصدقاء ولا يعرفون واجباتها وتضحياتها فكريمو الأخلاق دومًا ينشرون كل ما هو طيب عنك ولو في أشد أوقات الخلاف حلكة وسوادًا ويكتموا عن الآخرين -وإن حاولوا استدراجهم أو إغراءهم- كل هفواتك وزلاتك بل سيدافعون عن سيرتك الباطنة أكثر من الظاهرة حتى لا تؤتى من ناحيتهم.
# أما الأسوأ أن تقع مع الذين يكفرون بكل ما سبق أولئك الذين لا هم لهم سوى استخدام ما يقع في أيديهم من كروت الضغط والابتزاز أو صناعتها حتى؛ وذلك بمد حبائل الشباك من مكر وخداع فتندفع اليها بلا وعي فتقع فريسة فيها فيسهل اصطيادك فتدفع ثمنًا لذلك المبادئ والمواقف والأموال للنجاة منهم بأقل الخسارات الممكنة.
# فهؤلاء فقط بارعون في تسوية فواتير غنائم المناصب والأموال بحيث يصممونها على مقاسهم بطريقة تجعلهم مطلوبين وطالبين في آن واحد ففي الأولى هم الأولى بالجلوس واعتلاء قممها وكراسيها وفي الثانية هم الأجدر بكسب متعتها ولذتها الزائلة -لو يعلمون- فلا يتركون مساحة لمستحق ولا يخشون تسديدها في يوم لا يقبل فيه -من البعض- ملء الأرض ذهبًا ولو افتدى به.
# ومن أجل كل هذا يدفعون الفواتير الأكثر كلفة والمحررة من قبل بعضهم بشيك على بياض ولا يدرون ما القيمة التي سوف يطالب بها صاحبها وقتها إنها فواتير الغيبة والنميمة والقذف والتجسس وأكل أموال الناس بالباطل وغيرها فالمؤكد أنها جميعها تسبب الخسارة الفادحة لدرجة استحقاق تسميتها بالإفلاس الحقيقي.
# كما في حديث النبي عليه الصلاة والسلام: (أتدرون ما المفلس قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، قال: إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار).
# أتكون حسناتك من صلاة وصيام وزكاة وصدقة لغيرك بينما الناس هنا في هذه الدنيا الفانية لا ترضى أن تدفع أموالها أو يأخذها الآخرون منها عنوة؟! فتفادى مثل هذا الأعمال السيئة المهلكة حتى تظل حسناتك ملك لك لوحدك وأنت محتاج إلى مثقال الذرة من الخير وأيضًا مستغن عن مثقال الذرة من الشر دعك من طرح سيئات الغير عليك.
# فإذا كانت النفوس الغنية والفقيرة -إن ملكت- تكره إعلان التشهير بإفلاسها من أموال بنوك الدنيا فكن أحرص على ألا يشهر اعلان إفلاسك على رؤوس الأشهاد في الأخرة الباقية فتلك هي العاقبة الأكثر خزيًا وندامة والخسران المبين. نسألك اللهم يا مقلب القلوب أن تثبت قلوبنا على دينك وعلى طاعتك وعلى حب الخير وكره الشر للجميع. آمين يا رب العالمين.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.
mhmdajbrsdwn@gmail.com